الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

رحيل شيخ المعالجين

رحيل شيخ المعالجين
4 يناير 2021 04:13

كان له من اسمه نصيبُ ابتكار الحلول، ورسم الابتسامة، ونشر السعادة، عقيدة لم يكن عقدة مشاكل، بل واسطةً لحل عُقد المشكلات الصحية التي تواجهُ أبناء منطقته «العين»، وغيرها من المناطق في الدولة، هو شيخ المُعالجين إن جاز لي أن أسمّيه، رحمة الله عليه، وقد غادرنا قبل يومين إلى دار الحق، أقول شيخ المُعالجين لأنه كان من أوائل الذين مارسوا مهنة الطبابة الشعبية عن خبرة اكتسبها من جدته، غفر الله لهما، ولأنه أيضاً وهو يرحل عن دنيانا يُعدّ أحد المخضرمين الذين عاصروا أزماناً مرت بهذا الوطن، وكان هو أحد أبنائه الأوفياء المخلصين، وفي ذاك الوقت الذي عانى فيه الناس من شظف العيش، وقسوة الطبيعة، وقلة ذات اليد، وتضاؤل فرص توفر علاج لمن يواجهون تحديات صحية سواء كانت بعلّةٍ حقيقية، أو مُعتقدٍ يؤمنون به ولا حل له إلا عند عقيدة.
«مالها إلاّ عقيدة» «سيروا به عند عقيدة» «وديتوه لعقيدة والاّ لا؟» عبارات استفهامية وأسئلة كان الناس يتداولونها حينما تعتل صحة أحدهم، أو سمعوا عن معاناة شخص ما، فينصحونه بالتوجه فوراً إلى عقيدة، بخاصة الأطفال حيث دأب على معالجتهم وتقديم العون الطبي الشعبي لهم بما يتيسر لديه من علم وخبرة ومعرفة، وكان أن يُشفى المريض، وأن تتبارك المنازل بالمواليد الجدد الذين تلقى أحد والديهم وسمة محترمة من يد الشيخ المُعالج الذي تملأ الابتسامة وجهه الوضاء غفر الله له، كلما دسّ «تَس» الميسم في علبا أو بطن أحداً منهم.
أذكر أنني أجريتُ معه مقابلة منذ سنوات مضت وكنتُ أعمل على جمع المادة الميدانية لمشروع دورة الحياة في الجزء الخاص بالحمل والولادة، وكانت أمراض الأطفال، وكذلك العُقم، والتفاؤل والتشاؤم ضمن دليل الأسئلة الذي اعتمدتُ عليه في المقابلة، وزوّدني، رحمه الله، بالمعلومات التي كنتُ في حاجة إلى تدوينها من أجل المشروع، وأخذنا وقتاً في مناقشة الوسم عن «الكاشحه» الأمر الذي اشتُهر به بوعبدالله، رحمه الله، وكيف أنه كان يوسم عنها بحبّة عسو».
وأذكر كذلك أنني حضرت توسيمه لطفل لعائلة قريبة كانت أمه «ما تعيّش عقبه» يتوفى أطفالها وهم أجنّة، ونصحوها بالذهاب إليه فعالجه، وأنجبت أمه بعدهُ عدداً من البنين والبنات، وأذكره، رحمه الله، حين قال له والد الصّبي «ما تبا تشوفني أنا أبدّه مني» فقال له «ما يحتاي أشوفك أعرف وين أوسمك» وضحكنا جميعاً في ذاك اليوم.
الحديث عن فقيد الوطن الوالد عقيدة المهيري، غفر الله له، طويل وعميق لا تكفيه الصفحات، خالص التعازي والمواساة لأسرته الكريمة رجالاً ونساء صديقات وأخوات الزمن حفظهم الله جميعاً، وجبر خواطرهم.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©