ودّع العالم قبل 3 أيام عاماً استثنائياً، شهدت فيه البشرية واحدة من أخطر الأزمات الصحية في تاريخها الحديث، وهي أزمة جائحة «كوفيد-19»، التي ألقت بتبعاتها الوخيمة على دول العالم كافة، وغيّرت مسار كثير من الأحداث والتطورات والسيناريوهات التي كانت مرسومة من قبل. ورغم أن نهاية هذا العام شهدت تفشي موجة جديدة من هذه الجائحة، وظهور سلالات جديدة للفيروس المسبب لها أكثر خطورة من حيث سرعة الانتشار بشكل دفع كثير من الدول إلى العودة من جديد لسياسة الإغلاق، فإن النبرة التفاؤلية تظل هي المهيمنة على توقعاتنا لعام 2021، ويدعم ذلك العديد من المؤشرات، وفي مقدمتها بدء كثير من دول العالم حملات توزيع اللقاحات المضادة للفيروس وتطعيم الناس بها بعد أن أثبتت هذه اللقاحات فعاليتها في مواجهة هذا الفيروس بنسب تجاوزت الـ 90% في كثير منها، كما تؤكد التصريحات المعلنة حتى الآن أن هذه اللقاحات تظل فاعلة في مواجهة السلالات الجديدة من الفيروس، وهو ما يعزز التفاؤل بقرب الخروج من النفق المظلم الذي فرضه هذا الوباء وعودة البشر للحياة الطبيعية، ومن ثم عودة الأنشطة الاقتصادية وتحسن الأداء الاقتصادي لدول العالم المختلفة.
المؤشر الآخر هو التفاؤل بتغليب دول العالم لغة الحوار والتعاون والعمل السياسي بعد اقتناعها بأن سياسات التنافس والأنانية، وعدم التعاون التي ميزت المرحلة الأولى من انتشار الجائحة كانت سبباً في تفاقم خطورتها. ومن الأمور التي تدعم هذا التفاؤل هو وجود إدارة أميركية جديدة يتوقع كثيرون أن تعيد الاعتبار لأهمية تحالفات واشنطن التقليدية والعمل السياسي الجماعي، والصفقة الناجحة التي توصلت إليها بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي حول الـ«بريكست»، والتي أفسحت المجال أمام خروج آمن لبريطانيا من الاتحاد مع بقاء العلاقات القوية بينهما، وتراجع شعبية القادة الشعبويين في العالم الذين أدت سياساتهم إلى تفاقم أزمة الوباء في دولهم.
على المستوى الإقليمي هناك بوادر مشجعة على انفراج العديد من الأزمات الإقليمية، مثل: الأزمة الليبية مع استمرار جولات المفاوضات ووصولها إلى مرحلة متقدمة، والأزمة اليمنية بعد التوافق على إنشاء حكومة جديدة امتثالاً لاتفاق الرياض، إضافة إلى آمال تعزيز مسار السلام في الشرق الأوسط بعد «اتفاقات إبراهيم».
إماراتياً يبدو التفاؤل أكبر ولا سيما أن عام 2021 سيكون هو عام الاحتفال بمرور خمسين عاماً على قيام الدولة، وهو العام الذي تريده قيادتها السياسية أن يكون عام الانطلاقة الكبرى نحو الخمسين عاماً المقبلة أيضاً، مع العلم أن الإمارات حولت التحديات الماثلة في عام 2020 إلى فرص، وأنجزت مشروعاتها الطموحة كلها مثل إطلاق مسبار الأمل نحو المريخ وتشغيل مفاعلها النووي السلمي، ولم تمنعها الجائحة من مواصلة مسيرتها التنموية، وهو ما يعزز التفاؤل بمستقبل هذا البلد الرائد إقليمياً وعالمياً.

*مركز تريندز للبحوث والاستشارات