يدق الأطباء والممرضات في جميع أنحاء بريطانيا ناقوس الخطر مع وصول حالات الإصابة المؤكدة بفيروس «كوفيد - 19» إلى مستويات قياسية، حيث حث الخبراءُ الحكومةَ على تنفيذ إغلاق أكثر صرامة لعدم إرهاق النظام الصحي. وقال «سيمون ستيفنز»، الرئيس التنفيذي للخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا، يوم الثلاثاء الماضي، إن المستشفيات «تواجه موقفاً عصيباً» مع ارتفاع حالات الإصابة الجديدة في جميع أنحاء أوروبا وبريطانيا. وأضاف أنه يجب بذل المزيد لتخفيف العبء على العاملين في مجال الرعاية الصحية.
ويقوم بعض العاملين في مجال الرعاية الصحية بإصدار تحذيراتهم العامة الخاصة، والتي توضح بالتفصيل كيف تقوم المستشفيات في لندن وجنوب شرق إنجلترا بالفعل بإنشاء الخيام لزيادة طاقتها الاستيعابية. وقالوا إن سيارات الإسعاف تنتظر خارج المستشفيات لساعات؛ لأنه لا يوجد مكان بالداخل.
قال المسعف «ويل بروتون»: «يتعين على طاقم غرفة التحكم لدينا اتخاذ قرارات صعبة للغاية لتحديد من سيحصل على سيارة إسعاف أولاً ومن سيطلب الانتظار».
وتشير الأرقام الحكومية إلى أن الفيروس يتزايد في بريطانيا، على الرغم من القيود المفروضة بالفعل في معظم أنحاء البلاد. ففي يوم الاثنين الماضي، تم تسجيل 41.385 حالة مؤكدةً في جميع أنحاء المملكة المتحدة، وهو رقم قياسي أعلى بكثير من أي وقت خلال الموجة الأولى لتفشي المرض خلال هذا الربيع.
وقد تكون زيادة معدل إجراء الاختبارات مسؤولة عن الرقم القياسي في الحالات المؤكدة، لكن لا يمكن تفسير رقم آخر: قالت خدمة الصحة الوطنية بالمملكة المتحدة يوم الاثنين، إن عدداً قياسياً من الأشخاص بلغ 20.426 يعالجون من الفيروس في المستشفيات في إنجلترا.
وبلغ رقم الذروة السابق لأولئك الذين تم إدخالهم إلى المستشفى خلال الزيادة الأولى في الحالات في أبريل أقل قليلاً من 19.000.
ويقع جزء كبير من بريطانيا، بما في ذلك لندن، بالفعل تحت أعلى مستوى من الإغلاق: المستوى الرابع في نظام المملكة المتحدة. وقال أحد كبار مستشاري الحكومة يوم الثلاثاء، إنه يجب رفع المزيد من أجزاء البلاد إلى هذا المستوى «أو أعلى» من أجل «منع وقوع كارثة في يناير وفبراير».
وقال «أندرو هايوارد»، عالم الأوبئة في جامعة كوليدج لندن: «أعتقد أننا ندخل مرحلة جديدة خطيرة للغاية من الوباء».
ومن المتوقع أن يعلن وزير الصحة «مات هانكوك» عن أي تغييرات في القيود هذا الأسبوع، حسبما ذكرت «بي بي سي». وقال هانكوك على «تويتر»، إن الضغط على خدمة الصحة الوطنية أصبح الآن «غير مسبوق»، وطالب الجميع بالعمل على منع تفشي الفيروس خلال «هذه الأوقات العصيبة».
وفي الشهر الماضي، أعرب مسؤولون في بريطانيا عن قلقهم بشأن انتشار نوع جديد من فيروس كورونا المستجد والذي يبدو أنه ينتشر بسهولة أكبر. وتم تحديد هذا النوع الجديد لأول مرة من قبل علماء بريطانيين في ديسمبر المنصرم، كما وُجد في مجموعة متنوعة من البلدان.
وتم تأكيد أكثر من 2.3 مليون حالة إصابة بفيروس «كوفيد-19» في بريطانيا منذ ظهور الفيروس لأول مرة في البلاد، حيث أودى بحياة أكثر من 70 ألف شخص، مما جعل بريطانيا واحدة من أسوأ دول العالم في حصيلة القتلى.
وعلى الرغم من حدوث تقدم طبي في علاج فيروس كورونا، كانت الحكومة البريطانية هي الأولى في العالم التي بدأت برنامج تحصين واسع النطاق للقاح تم اختباره بالكامل، ويبدو أن الفيروس ينتشر بشكل أسرع مما يمكن أن تقيده إجراءات الإغلاق.
وبعد ما يقرب عاماً من مكافحة الوباء، أصبحت الخسائر قاسية بشكل خاص على العاملين في المجال الصحي. وقال سايمون والش، نائب رئيس لجنة الاستشاريين في المملكة المتحدة بالرابطة الطبية البريطانية، إن المستشفيات في المناطق الأكثر تضرراً داخل لندن تستخدم نفس النوع من البروتوكولات المتوقعة في «علاج مرض خطير».
وأشار عاملون صحيون إلى أن الحكومة أساءت إدارة طاقمها. وخلال الموجة الأولى من الفيروس، استخدمت الحكومة مساحات فارغة لإقامة سبعة مستشفيات للطوارئ بتكلفة 220 مليون جنيه إسترليني (297 مليون دولار).
ومع ذلك، ذكرت صحيفة «ديلي تلجراف» يوم الثلاثاء الماضي، أن المرافق ظلت فارغة في الغالب خلال الموجة الجديدة من الفيروس وأن بعضها تم تفكيكه بسبب نقص الموظفين.
كما اشتكى العاملون في مجال الرعاية الصحية من عدم منحهم الأولوية لتلقي اللقاحات، التي تذهب إلى حدٍّ كبير إلى كبار السن وأولئك الذين يعانون مشاكل صحية أساسية.
وكتبت «سامانثا بات راودن»، رئيسة جمعية الأطباء في المملكة المتحدة، يوم الاثنين الماضي أن العديد من العاملين في المجال الطبي يصابون بهذا النوع الجديد من الفيروس وأن بعض المستشفيات تبعث برسائل لطلاب الطب للعمل في وحدات العناية المركزة.

*كاتب متخصص في الشؤون الخارجية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»