الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

المساهمات المحددة وطنياً للمناخ.. نموذج مستدام للعمل من أجل المستقبل

المساهمات المحددة وطنياً للمناخ.. نموذج مستدام للعمل من أجل المستقبل
2 يناير 2021 01:20

الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي 

نصف عقدٍ يمر على إطلاق اتفاق باريس للمناخ، أولى الخطوات العالمية الفعالة وغير المسبوقة لبدء مسيرة عالمية من الجهود لمواجهة التحدي المصيري الذي يهدد استمرارية البشرية ومستقبل كوكب الأرض كاملاً - تحدي التغير المناخي.
خمس سنوات شهدت تصاعد وتيرة التعاون والتنسيق الدولي، من اتفاق باريس إلى اجتماعات «كوب 22» في مراكش المغربية، ثم «كوب 23» في بون الألمانية، ثم «كوب 24» في كاتوفيتشي البولندية، واجتماع أبوظبي للمناخ، و«كوب 25» في مدريد، كما شهدت في المقابل تصاعد وتيرة حدوث الظواهر المناخية المتطرفة بنسب تتجاوز 400%.
هذه المعادلة غير المتوازنة والتي تصب لصالح تفاقم خطورة تهديدات التغير المناخي في ظل تباطؤ الحراك الدولي، وخصوصاً نتيجة لما شهده العالم خلال العام الجاري بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، والتي دعت الأمين العام للأمم المتحدة مؤخراً إلى إعلان حالة طوارئ مناخية.
ولأن العمل من أجل البيئة والإنسانية بشكل عام شكّل أحد المحاور الرئيسة لمسيرة دولة الإمارات منذ تأسيسها قبل خمسة عقود، ولأنها من أولى الدول في المنطقة التي سارعت للتوقيع على اتفاق باريس للمناخ في العام 2015، وانطلاقاً من رؤية القيادة الرشيدة لضمان مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة، أضافت الدولة خلال ديسمبر الجاري خطوة جديدة لإنجازاتها وجهودها في العمل من أجل المناخ ومن أجل حماية كوكب الأرض، عبر الإعلان عن مساهماتها المحددة وطنياً الثانية للمناخ وتسليمه للأمم المتحدة، والذي رفعت فيه سقف طموحها وجهودها في ثلاثة محاور رئيسة تشمل خفض مسببات التغير المناخي وتقليل حدة تداعياته والتكيف معها.
الإمارات وبفضل حكمة قيادتها رفعت في ضمن مساهماتها الثانية الحصة المستهدفة للطاقة النظيفة من إجمالي مزيج الطاقة المحلي من 24% في المساهمات الأولى إلى 50%، واعتمدت هذا الهدف ضمن استراتيجيتها للطاقة 2050، وستصل إلى قدرة إنتاجية تبلغ 14 جيجا وات في 2030، مقارنة مع 100 ميجا وات في 2015، لتساهم بشكل فعال في خفض مستوى انبعاثات الدفيئة التي تمثل المسبب الأول للاحتباس الحراري.   وتستهدف ضمن مساهمتها المحددة وطنياً خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 23.5% مقارنة بالحالة الاعتيادية للأعمال بحلول العام 2030، ما يعادل خفض الانبعاثات بمقدار 70 مليون طن.
وبالنسبة لمعدلات انبعاثات الكربون التي ما زالت تنجم عن بعض النشاطات الاقتصادية، فقد طورت الدولة شبكة هي الأولى من نوعها في المنطقة تسهم في تعزيز استخدام أحدث التقنيات لاحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه بما يسهم بخفض معدلات انبعاثات الكربون والحد من تأثيرات التغير المناخي.
ولتعزيز قدرات التكيف مع تداعيات التغير المناخي في مختلف القطاعات، سيتم التوسع في برامج ومشاريع ومبادرات حماية النظم البيئية الساحلية ومشروع الكربون الأزرق عبر زراعة 30 مليوناً من أشجار القرم بحلول 2030، بالإضافة إلى مواصلة إشراك كافة فئات المجتمع في حملات ومبادرات رفع الوعي بسلوكيات الاستهلاك المستدام، والتوجه بشكل أسرع للتحول نحو الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري.
عبر الرفع - الطوعي - لسقف مساهمتها المحددة وطنياً، تبعث دولة الإمارات بمجموعة من الرسائل للمجتمع الدولي تستهدف الحفاظ على كوكبنا وضمان مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة، فعبر هذا الرفع تحفز دول العالم كافة لاتخاذ الخطوة ذاتها والمساهمة بشكل أكثر فاعلية في خفض مسببات التغير المناخي وتعزيز قدرات التكيف مع تداعياته.
كما نؤكد على نجاعة نموذجها القائم على تحويل كافة التحديات إلى فرص نمو، فعبر رفع سقف المساهمات سيزيد الاستثمار في الطاقة المتجددة التي باتت تمثل أحد أهم النشاطات الاقتصادية الواعدة عالمياً، كما ستزداد جهود وخطوات التحول نحو الاقتصاد الأخضر الذي يمثل النموذج الاقتصادي الأكثر تسجيلاً لمعدلات النمو، وسيتم التوسع في تطبيق معايير الاقتصاد الدائري والذي يحول في أحد أهم جوانبه النفايات من عبء على البيئة إلى كنز اقتصادي قابل للاستغلال بكفاءة، كما سيتم عبر التوسع في تطبيق معايير وسلوكيات الإنتاج والاستهلاك المستدامين ترشيد الاستهلاك للموارد، ما يحافظ على استدامة البيئة ويخفض التكلفة الإجمالية للإنتاج والتشغيل.  وعبر رفع سقف مساهماتها المحددة وطنياً، تؤكد دولة الإمارات على الرسالة الأهم حالياً والمتمثلة في أنه على الرغم من كافة الجهود العالمية المبذولة لمواجهة التحدي المصيري لاستمرارية البشرية «التغير المناخي» فإن الطريق ما زال طويلاً ويحتاج إلى المزيد دائماً، فنحن هنا لا نتعامل مع وباء أو جائحة يمكن التغلب عليها بابتكار علاج فوري أو لقاح مضاد، بل مع تحدٍ يطال كافة نواحي وأشكال الحياة ويحتاج لاستراتيجيات بعيدة المدى ذات استمرارية واستدامة، وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي -رعاه الله- في تغريدته للإعلان عن المساهمات المحددة وطنياً الثانية قائلاً: «التغير المناخي هي المعركة الأبرز للبشرية خلال العقود القادمة للحفاظ على كوكب الأرض سليماً للأجيال الجديدة».

وزير التغير المناخي والبيئة

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©