لقد انكشف زيف ادعاءات جماعات حقوق الإنسان وحمايته في العالم.. لقد كشفها الإنسان نفسه من خلال معاناته الحالية وما مر عليه من مصائب وكوارث موجعة ومؤلمة. لقد تعرّت هذه المنظمات ومزاعمها الحقوقية الدولية وباتت بلاء غطاء. لقد صدّعت رؤوس الجميع بأسطواناتها المشروخة، الكاذبة والمزدوجة والمضللة، لكن خداعها انكشف ونفاقها اتضح، وبانت معاييرها المزدوجة وادعاءاتها الكاذبة المخادعة. لقد أوهمت العالم بإنسانيتها وحياديتها على غفلة من الزمن، وصفق لها البعض ظناً منهم أنها جديرة بالاحترام وصادقة في ما تقوله! واليوم انكشف خداعها واتضح ارتباطها بلوبيات المصالح وبالدوائر الاستخباراتية الدولية.. وأصبحت أجنداتها التنظيمية والحزبية والعنصرية واضحة للجميع، كما تطابقت في الأهداف والنوايا مع أصحاب الأروقة المشبوهة في جهات معروفة.
بعد أحداث المنطقة العربية المضطربة، لاسيما في العراق وسوريا واليمن ولبنان، تلاشى دور المنظمات الإنسانية وانكفأ، كما غابت عن كثير من القضايا الإنسانية الحساسة والمقلقة والخطيرة التي تهدد آدمية الإنسان، ولم تقدم إلا الفتات القليل جداً، وكانت أصواتها ضعيفة وخافتة حتى لا ينكشف خداعها وزيفها اللذان أضحيا جليين، ولم تنطق ببنت شفة حول المصائب الكوارث والمآسي والجرائم البشعة التي ارتُكبت بحق الأبرياء والمدنيين العزل، والتي جرت على مرمى حجر من المكاتب الفارهة لهذه المنظمات الوهمية، وهى مصائب وكوارث ومآسي يشيب لها الرأس وتبكي المقل.
كما لم تعط هذه المنظمات والجمعيات أي إحصائيات دقيقة وواضحة حول ما اعتادت على إدانته من خلال تصريحاتها ومؤتمراتها وتقاريرها المكرَّرة والمجترة، ولم تذكر شيئاً حول مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ولم تتقص الحقائق ولم تتتبع حالات وملفات الأفراد والعوائل الذين ظلوا إلى الآن تحت الإنقاض، أو مغيبين أو مفقودين أو مختطفين منذ سنوات، خصوصاً في مدينة الموصل الواقعة بشمال العراق، المدينة التي ما فتئ سكانها يبحثون عن بقايا أشلاء ذويهم تحت الأنقاض المدمَّرة. لقد تم تدمير الموصل بلا هوادة ولا رحمة، أمام كاميرات العالم، بما في ذلك مساجدها وكنائسها ومعابدها وجامعاتها ومستشفياتها ومعالمها التاريخية. كان الأهالي يبحثون عن أشلاء ذويهم، بينما بعض المرشحين للانتخابات التشريعية العراقية ينصبون خيام حملاتهم الدعائية على بقايا المنازل المهدمة، وكلما دقوا وتداً سمعوا أنين المدفونين تحت الأرض، وتعالى فوقها عويل ذويهم.
وكذلك الحال في سوريا واليمن وبلدان عربية أخرى تم تدميرها ونهبها وتهجير أهلها في المنافي.. فأين دور المنظمات الإنسانية الدولية من هذه الكوارث والمآسي والمعاناة والمحن والمصائب التي حلت بالمنطقة العربية؟ 
إن هذه المحن والأحداث والكوارث كشفت كل الخداع والكذب والنفاق والزيف الذي اعتادت تلك المنظمات الدولية ممارسته، إذ لا يهمها سوى زيادة أرصدتها وتعظيم مواردها وخدمة أجنداتها المشبوهة، لذلك نسمع صوتها وهو يرتفع كلما عثرت شاة بالصحراء، لكنه يختفي ويصمت إزاء الذين دَفنوا الإنسان تحت أنقاض مدنه، وهو يحتضن أولاده الموتى والجرحى، وبيده كتاب «كيف تتعلم الديمقراطية في النظام العالمي الجديد»!

*كاتب سعودي