تطورت القصتان الكبيرتان في بريطانيا في عام 2020: «بريكست» و«كوفيد 19»، بالتوازي، دون أن يكون لهما تأثير كبير على بعضهما البعض، ولكن مع اقتراب نهاية الفترة الانتقالية لـ«بريكست» في الحادي والثلاثين من ديسمبر، أشار «ديفيد جوك»، المستشار السابق لحزب «المحافظين»، إلى أنه كما في «خاتمة المسلسل التلفزيوني، تم تجميع المؤامرات أخيراً».
يبدو ما كان يقصده ديفيد جوك بتجميع المؤامرات أنه تم استغلال ظهور نوع جديد من فيروس كوفيد 19 في بريطانيا – والذي يعتقد أنه معدي بشكل كبير – لأجل الضغوطات السياسية فيما يتعلق باتفاقية البريكست التجارية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي التي دخلت أيامها الأخيرة. موقع هذا الفصل الأخير هو مقاطعة كينت الجنوبية الشرقية، حيث تم تحديد البديل لأول مرة وموطن ميناء دوفر، الذي يمر عبره 90% من حركة الشاحنات البريطانية مع الاتحاد الأوروبي وفي 20 ديسمبر تم إغلاقه بسبب إغلاق الحدود الفرنسية، وقد دعت فرنسا إلى وضع نظام صارم جديد لاختبار كوفيد -19 قبل فتح الحدود مرة أخرى، وتم النظر إلى الضغوط على قدرة الاختبار في بريطانيا، والذي يكون من الصعب تحقيقه. 
إن طبيعة المفاوضات مسؤولة أيضاً عن أزمة نهاية العام، فقد مرت أربع سنوات منذ أن صوّتت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي، وأكثر من عام منذ الاتفاق على اتفاقية الانسحاب بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، ومع ذلك لا يزال الجدل مستمراً. الإشكالية الكبرى لو غادرت بريطانيا دون اتفاق، فستواجه التجارة في السلع تعريفات جمركية - على المنتجات الزراعية، تصل إلى 40% والمزيد من الأعمال الورقية، إضافة إلى تخوفات تجار التجزئة من حدوث اضطراب في نهاية العام، وإلى تفاقم شاحنات اللوري التي كانت تسبب مشاكل في «كينت».
ولعل هذه الضغوطات التي واجهتها بريطانيا مؤخراً، هي التي ساعدت على «نهاية الحرب» في زمن قياسي بإعلان رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، في ليلة أعياد الميلاد بإبرام اتفاق تجارة لما بعد بريكست، الذي غطى تجارة بلغت قيمتها 668 مليار جنيه إسترليني دون أي رسوم أو حصص. وقد أشاد زعيم حزب بريكست، نايجل فاراج، بجونسون باعتباره «الرجل الذي أنهى المهمة»، وقال السيد فاراج: «إنه على الرغم من أن الصفقة ليست مثالية، إلا أن جونسون فعل ما قال إنه سيفعله فيما يتعلق بالأمور الكبيرة...انتهت الحرب». 
 أهم ما نتعلمه من اتفاقية تجارة بريكست أنه لا يمكن التنازل عن الخطوط العريضة، وفي الحالة البريطانية، كان الخروج من الاتحاد الأوروبي يعني استعادة السيادة، لكن النقاش والحلول الوسط تكون في المواضيع الأقل أهمية، وهذا كان متمثلاً بما ذكره فاراج: «الآن نحن خارج الاتحاد الأوروبي فعلياً، ويمكننا القول إننا مع معاهدة جديدة قريبة بعض الشيء من اتفاقية شراكة. إنها ليست مثالية، لكن يا إلهي، إنها لا تزال تتقدم».
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي