الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«بريكست».. اتفاق اللحظة الأخيرة

«بريكست».. اتفاق اللحظة الأخيرة
27 ديسمبر 2020 00:32

«فراق حزين حلو»
             «أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية»

اختارت أورسولا لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية عندما أعلنت التوصل لاتفاق مع بريطانيا على خروجها من الاتحاد الأوروبي «بريكست»، جملة شهيرة من مسرحية «روميو وجولييت» للأديب الإنجليزي شكسبير «فراق حزين حلو». حزين، لأن أوروبا لم ترغب يوماً بفراق بريطانيا عنها، وحلو، لأن الطرفين توصلا أخيراً لاتفاق كان مرجحاً ألا يتم أصلاً، بفعل المواقف المتباينة بين لندن وبروكسل. ناهيك عن الإسقاط الواضح للمسؤولة الأوروبية، باستشهادها بشكسبير الإنجليزي، وتجنبت أي استعارة من الأدب الأوروبي. بريطانيا تفارق أول العام المقبل أوروبا، بعد عقود من عضوية مضطربة في الاتحاد الأوروبي. خرجت باتفاق إلا أنه اعتُبر في أوساط المؤيدين لبقاء عضوية المملكة المتحدة جيداً، مقارنة بخروج بلا اتفاق. لن تكون العلاقة البريطانية الأوروبية كما كانت. فالتخارج شمل ميادين عدة، بما في ذلك السياسة الخارجية. والاتفاق التاريخي الذي يقع في 2000 صفحة، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون: إنه قرأ 500 صفحة منه، متشعب ومعقد وقابل لتفسيرات متنوعة، ما يُبقي الباب مفتوحاً أمام خلافات تنفيذية قد تظهر في أي لحظة، على الرغم من أن الطرفين اتفقا على هيئة غير واضحة المعالم للفصل بينهما. لكن في النهاية، جاء الاتفاق وفق الشروط الأوروبية أكثر من الشروط البريطانية، استناداً إلى أولئك الذين نشطوا طوال السنوات القليلة الماضية، من أجل إتمام الخروج البريطاني بأي ثمن، وحتى بلا صفقة تؤدي لاتفاق تجاري، تحتاج إليه المملكة المتحدة بقوة، مع أكبر شركائها التجاريين. فنصف صادرات بريطانيا تقريباً تذهب لدول الاتحاد الأوروبي، وهذا يكفي لنشر الرعب من جراء الخروج بلا اتفاق. الاتفاق التجاري، وبصرف النظر عن جوانبه السلبية بالنسبة للندن، يصل حجمه إلى 907 مليارات دولار. ولأنه بهذا الحجم، فإنه سيساهم في خفض مستوى الانكماش المتوقع للاقتصاد البريطاني من جراء «بريسكت»، وسيضمن عدم ارتفاع الأسعار على كاهل المستهلك في بريطانيا، التي كانت تقدر بـ 20% على بعض المواد الاستهلاكية. والسبب يعود، إلى أن لندن استطاعت الفوز بفائدة صفرية على صادراتها للاتحاد الأوروبي، وكذلك الأمر بالنسبة لصادرات أوروبا للمملكة المتحدة. اتفاق «بريسكت» التاريخي، سيمنح الجانب البريطاني الحرية في عقد اتفاقات تجارية مع بقية الدول، ولا سيما الولايات المتحدة التي تمثل الشريك التجاري الثاني لبريطانيا، لكن هذه الأخيرة، لا بد أن تطبق المعايير الأوروبية في تجارتها. 
هناك الكثير من البنود التي ستتضح فاعليتها (بل وحقيقتها) في ساحة التنفيذ، إلا أن الأوروبيين المتأسفين على فراق بريطانيا، ضمنوا النقطة الحساسة الأهم في كل هذه «المعمعة»، وهي بقاء الحدود مفتوحة بين إيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا، وجمهورية إيرلندا التابعة للاتحاد الأوروبي. دون أن ننسى، أن وصول جو بايدن لرئاسة الولايات المتحدة، ساهم في الضغط على الحكومة البريطانية للتوقيع على هذا الاتفاق. فهذا الأخير هدد لندن علناً، بأنه لن يوقع على اتفاق تجاري معها، إذا لم تتوصل لاتفاق مع الأوروبيين.

محمد كركوتي

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©