يُعرف عن دولة الإمارات العربية المتحدة اهتمامها الكبير بقطاع الإعلام، كونه قطاعًا مؤثرًا في توجهات الأفراد والشعوب، وله تأثير قوي في صناعة الممارسات التي قد تكون نافعة في أحيان وضارة في أحيان أخرى، ولذلك ولأجل التطور الكبير والقفزة النوعية اللذين حققهما القطاع وخصوصًا في مجالات وسائل التواصل الاجتماعي، نتيجة التطور التقني والتكنولوجي الحاصل، فإن الدولة ومن خلال سياساتها واستراتيجياتها الإعلامية تعمل على جعل المنصات الرقمية الإعلامية وسائل فاعلة في تحقيق مصلحة الدول وشعوبها، وليست معاول هدم تضر بواقع الأجيال ومستقبلهم الإنساني.
ونظم نادي دبي للصحافة الأربعاء الماضي الـ 23 من ديسمبر الجاري، منتدى الإعلام العربي ضمن دورته التاسعة عشرة افتراضيًّا، تحت شعار «الإعلام العربي: المستقبل... رقمي»، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن بُعد عبر الاتصال المرئي، وبمشاركة نخبة من الساسة وصُنّاع الإعلام في المنطقة والعالم، تخلّله حفل جائزة الصحافة العربية، الأمر الذي يرسخ مكانة المنتدى بوصفه أكبر حدث سنوي من نوعه، وتجربة تفاعلية فريدة في مجالات الابتكار الإعلامي، وحَدَثًا مهمًّا في تحقيق الطموحات الخاصة بمستقبل الإعلام العربي، ويحمل رسالة مهمة تركز على ضرورة الاستمرار والعمل لمستقبل إعلامي عربي أفضل.
وبالرغم من الأزمة الصحية التي تعصف بالعالم هذا العام، فإن المنتدى نجح في حشد كل المهتمين بمستقبل الإعلام العربي، وذلك باستقطابه أكثر من 10 آلاف متابع على تويتر لايف، وفيسبوك لايف، وانستغرام لايف، وعبر منصته الرسمية. وقالت منى غانم المرّي، رئيسة نادي دبي للصحافة، إن الأزمة الراهنة شكّلت اختبارًا حقيقيًّا لوسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، الأمر الذي حفّز على التفكير بطريقة مختلفة لصناعة إعلام عربي أفضل في المستقبل، وخاصة في ظل تضرر العديد من المؤسسات الإعلامية في المنطقة جراء جائحة «كورونا»، التي تسبّبت في تراجع سوق الإعلانات، المصدر الرئيسي لتمويلها، فيما استمر المحتوى الإعلامي وتطور، ولا سيما عبر المنصات الرقمية، الأمر الذي يفسّر اهتمام المنتدى هذا العام في البحث في واقع العمل الإعلامي العربي ومستقبله، والبحث في تداعيات الجائحة على إعلام المنطقة، وبناء تصورات جديدة للمشهد الإعلامي العربي خلال المرحلة المقبلة.
ونتيجة لهذه التغيرات، جاء منتدى الإعلام العربي هذا العام ليجمع المختصّين والمهتمين في قطاع الإعلام، لبحث الأدوات التي يمكن من خلالها صناعة محتوى يقدم للمتلقّي العربي تجربة إعلامية أكثر تأثيرًا وجاذبية، وخاصة لدى فئة الشباب الذين يقعون في أزمة ثقة مع الإعلام العربي، نتيجة إحساسهم بعدم اهتمام المؤسسات الإعلامية بهم، برغم أنهم كانوا في صدارة الفئات التي غيّرت المشهد العربي وأثرت فيه بشكل لافت للنظر، خصوصًا في الصعد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، الأمر الذي يحتّم على كل العاملين والمهتمين بقطاع الإعلام العمل على صناعة مستقبل أفضل للإعلام العربي، حيث قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في تغريدة على «تويتر»: «إن الإعلام شريك مهم في مسيرتنا، ونتطلع إلى رسائل بنّاءة تخدم قضايا مجتمعاتنا، وتسهم إيجابيًّا في بناء مستقبل المنطقة».
إن «منتدى الإعلام العربي» الذي انطلق منذ نحو عشرين عامًا، واصل العمل على إيجاد آليات جديدة تمكّن إعلام المنطقة من القيام بدوره اللازم، ليتحول إلى منارة تنويرية وتثقيفية، تناقش الموضوعات التي تشغل بال الإنسان العربي وتستشرف مستقبله، وتدافع عن مقدرات الشعوب وتعينها على تجاوز كل التحديات، حتى يصبح فاعلًا مؤثرًا ومسهمًا إيجابيًّا في تحقيق مستهدفات التنمية والتقدم والازدهار، ولا سيما في ظل الظروف التي تعانيها دول العالم عمومًا، ودول المنطقة على وجه الخصوص، من تراجع في أدائها الاقتصادي، وانخفاض في معدلات النمو والتنمية، وانخفاض معدلات العمل والإنتاج.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية