وأخيراً بدأ قادة الحزب الجمهوري المهمون يتخلون عن دونالد ترامب، بينما يحاول هو إيجاد طرق تمكّنه من البقاء في السلطة بعد العشرين من يناير المقبل. فخلال الأيام والأسابيع القليلة التي أعقبت انتخابات الثالث من نوفمبر، عندما كان معظم الخبراء يؤكدون أن جو بايدن سيكون الفائز حين يتم فرز كل الأصوات وإحصاؤها، لم تكن تتقاسم هذا الرأيَ سوى قلّة قليلة من «الجمهوريين». وكان جمهوريون منشقون مثل السيناتورين ميت رومني وبن ساس مستعدين لتأكيد الأمر البديهي، غير أنه مرت أسابيع قبل أن يقرر زملاؤهم في مجلس الشيوخ أخيراً الخروج عن صمتهم وتأكيد الموقف نفسه علانيةً.
نقطة التحول كانت تصويت المجمع الانتخابي في السابع من ديسمبر، عندما تأكد أن بايدن فاز بالانتخابات بعد حصوله على 306 أصوات مقارنةً مع ترامب الذي فاز بـ232 صوتاً. وفي اليوم التالي، اعترف السيناتور ميتش ماكونل، زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، بفوز بايدن، وهنأه وقال لزملائه ما مفاده أنه حان الوقت لطي صفحة الانتخابات والاستعداد لإدارة بايدن. 
وبالطبع، لم يكن هذا هو ما يرغب ترامب في سماعه. وعوضاً عن الاعتراف بهزيمته الحتمية، قرر رفع الرهان واستمر في إرسال تغريدات غريبة عبر تويتر تقول إنه الفائز في الانتخابات، وإنه سيواصل المعركة حتى يثبت أن هذا هو واقع الحال. وليزيد الطين بلة، أحاط ترامب نفسه في البيت الأبيض بمجموعة من الأشخاص الذين يتنافسون مع بعضهم بعضاً على مدِّه بمقترحات غريبة من أجل إيجاد طرق للاحتفاظ بالسلطة بعد العشرين من يناير. وفي يومي الجمعة 18 ديسمبر والاثنين 21 ديسمبر، كان أنصار ترامب الأكثر تعصباً يضمّون في صفوفهم شخصيات تروّج لنظريات المؤامرة ولآراء رُفضت من قبل المسؤولين القانونيين في العديد من الهيئات، بما فيها المحكمة العليا الأميركية. ووفق تقارير صحفية موثوقة، فإنه حتى أكثر موظفي ترامب ولاء له صُدموا ببعض الاقتراحات المقدَّمة له، ومن ذلك فرض قانون الطوارئ في أربع من الولايات التي منحت بايدن أصواتاً أكثر. ويقضي مخططهم بحجز الجيش الأميركي لأجهزة التصويت وتنظيم عملية تصويت ثانية.
وفي الوقت نفسه الذي كانت تُقدم فيه هذه الأفكار الغريبة، أعلن وزير العدل في إدارة ترامب ويليام بار أن وزارة العدل لن تحقق في مزيد من الادعاءات بشأن تزوير الانتخابات، وأنها لا تعتزم تعيين مستشار خاص من أجل التحقيق مع ابن جو بايدن، هانتر بايدن، بشأن مخالفات ممكنة لقوانين الضرائب الأميركية بخصوص معاملاته التجارية السابقة. وبار نفسه سيغادر الإدارة هذا الأسبوع «لقضاء مزيد من الوقت مع أسرتي». بل إن حتى حليف ترامب الوفي القس بات روبرتسون «حث ترامب على الاعتزال».
وأكثر ما يخشاه المراقبون الآن هو أنه كلما ازداد ترامب عزلة، أصبحت تصرفاته أكثر خطراً. فخلال الثلاثين يوماً المقبلة، سيظل ترامب رئيساً للولايات المتحدة بصلاحيات هائلة. وخلال هذه الفترة، سيكون قادراً على إصدار العديد من الأوامر التنفيذية التي ستضر بإدارة بايدن المقبلة وتزعجها. كما يستطيع العمل مع حلفائه القلائل الذين تبقَّوا في الكونجرس لإحداث اضطراب في السادس من يناير، عندما يجتمع الكونجرس من أجل الاعتراف رسمياً بنتيجة تصويت المجمع الانتخابي. ذلك أنه إذا استطاع عدد كاف من الجمهوريين من مجلس النواب إقناع واحد على الأقل من زملائهم في مجلس الشيوخ بالمشاركة، فسيستطيعون المطالبة بنقاش في الكونجرس بمجلسيه حول ما إن كانت الانتخابات مزورةً. والأكيد أنهم لن ينجحوا في تغيير نتيجة الانتخابات، غير أنهم سيفلحون في إشاعة مزيد من مشاعر الغضب بين أنصار ترامب الذين يعتقدون أصلاً أن ترامب هو الفائز في الانتخابات. 
كما أن ترامب قادر على اتخاذ قرارات غير محسوبة العواقب في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، وإصدار العشرات من قرارات العفو لصالح حلفائه المقربين، بمن فيهم أبناؤه. ولا شك أن سلوكه منذ الانتخابات ضمن له مكاناً كواحد من الرؤساء الأميركيين اللافتين للانتباه منذ بداية الجمهورية. 
وأمام ترامب الآن أربعة أسابيع للتراجع عن كل ذلك النهج من خلال الاعتراف بانتصار خصمه، غير أن قلة قليلة من المراقبين فقط يعتقدون أنه قادر على القيام بمثل هذا الأمر.