من الخليج العربي انطلقت أراجيز أحمد بن ماجد، وعلى ظهر أمواجه غردت الطموحات الواسعة، منسجمة مع مشاعر الحب التي يفيض بها القلب، وتمتلئ الروح، كون الخروج من شرنقة المكان، هو انبلاج من بؤرة لا تطفئ أنوارها، ولا تخبئ أسرارها، بل هي في الوجود أشعة ضوئية تجوس الجهات الأربع بجدارة الأحلام واسعة الظلال.
الإمارات لها تجربة مع السفر، ولها خبرة مع العلاقات الحميمة مع الآخر، ولها رؤية قد تختلف عن رؤى كثيرة في بناء الجسور مع الآخر.
سور الصين العظيم يبدو متناهياً في العظمة، كما هي نظرة الصينيين للعالم، وكذلك تاج محل في الهند، هذان معلمان تاريخيان يشيران بالبنان إلى أن هناك ضوءاً يتسرب من ثنيات وجدان بشري متماهياً مع الوحدة الكلية للوجود، وهو ما تؤمن به القيادة في الإمارات، كما أنه السمة الأساسية للفلسفتين في الصين والهند، حيث المعطى الثقافي نهل من نهر واحد، سواء في كونفشيوسية الصين أو غاندية الهند، فالمسعى نحو سلام النفس واحد، مهما تعددت مشارب الجغرافيا وبعض ما اعتراها من سهد، وسغب.
الإمارات في هذا النسق المتباعد، المتقارب، تقف كأنها الشريان في الجسد، كأنها الروح في الأمد، كأنها الدوزنة في الشعر، كأنها السبر في طيات الخبر.
علاقات باتت تؤتي ثماراً ناضجة بين الصين والإمارات، وهي كذلك مع الهند، دولتان يشكلان ثلث سكان العالم، إلى جانب الجغرافيا الممتدة على صدر الأرض والموشحة بخيرات اقتصادية لا طائل لها، وأطفالنا اليوم الذين صاروا يتقنون اللغة الصينية، أصبحت لديهم مساحة واسعة لكي يمعنوا في ترتيب مشاعرهم على أساس بناء علاقة مبكرة مع لغة لها إمكانيات النمو كما هي أشجار الغاف، لأنها لغة تحمل في عمقها ثقافة مجللة بإرث تاريخي غزير، ما يجعل التلاحم سميكاً، والانسجام عميقاً، أما الهند فهي حاضرة منذ أمد بعيد، على الصعيدين الشعبي، والتجاري، ما يجعل الطريق مفتوحة الأبواب والنوافذ، تجاه مجالات متعددة، ومختلفة، وسفن الإمارات مخرت عباب المحيط الهندي، باتجاه معجزات الهند وغرائبها، منذ زمن بعيد، وعندما تنفتح الطموحات الراهنة باتجاه هذا البلد، فإنها لن تلقى ما يعرقل مسعاها، فكل الطرق إلى الهند معبدة وجدانياً، وسهلة.