في أعقاب فرض غالبية دول الاتحاد الأوروبي، والعديد من دول العالم الأخرى، مثل روسيا وكندا والهند وغيرها، حظراً على المسافرين القادمين من بريطانيا، بدا الوضع كما لو كان العالم أجمعه قد وضع بريطانيا برمتها تحت حجر صحي أممي. ويعود السبب في ذلك إلى انتشار نوع من فيروس كورونا، وخصوصاً في مدينة لندن، يتمتع بقدرة أكبر على العدوى وعلى الانتشار من شخص إلى آخر. لكن في خضم سيل التقارير الإعلامية، اختلطت الحقائق لدى البعض، وهو ما سنحاول توضيحه هنا.
فأولاً: ليست هذه المرة الأولى التي يشهد فيها فيروس كورونا تغيراً وراثياً. والحقيقة هي أن صنف الفيروس الأوسع انتشاراً الآن، يختلف في التركيبة الوراثية عن الفيروس الذي ظهر في مدينة «ووهان» الصينية في ديسمبر الماضي. فالفيروس الحالي هو نتاج طفرة وراثية حدثت في شهر فبراير الماضي في أوروبا، ليصبح هو الصنف أو النوع المسيطر حالياً. والمعروف، بل المعتاد، أن التركيبة الوراثية للفيروسات تتغير بشكل متكرر من خلال طفرات جينية عدة.
ثانياً: النسخة الجديدة من الفيروس، ليست أكثر فتكاً من النسخة الشائعة. بمعنى أن احتمالات الوفاة، إذا ما حدثت العدوى بالنسخة الجديدة، لا تزيد عن احتمالات الوفاة جراء العدوى بالنسخة العادية. لكن، بما أن النسخة الجديدة تتمتع بقدرة أكبر على الانتشار، سينتج عنها بالتبعية عدد أكبر من حالات العدوى، وبالتالي عدد أكبر من الوفيات أيضاً.
ثالثاً: ليس من المعروف بدقة، قدرة النسخة الجديدة على العدوى مقارنةً بالنسخة المنتشرة، وإن كان كثيراً ما يتكرر ذكر نسبة 70%، وهي نسبة تقديرية في الغالب، حيث يرى البعض أنها أعلى من ذلك بكثير، بينما يرى آخرون أنها أقل من ذلك بكثير، والخلاصة هي أن لا أحد يعرف بشكل دقيق مدى قدرة النسخة الجديدة على الانتشار حتى الآن.
رابعاً: نظرياً، ستظل التطعيمات التي تم تطويرها خلال الأشهر القليلة الماضية، فعالة في الغالب ضد النسخة الجديدة من الفيروس، وحتى إذا ما ظهر عكس ذلك، فلن يستغرق تطوير تطعيم جديد فعال ضد النسخة الجديدة أكثر من بضعة أسابيع فقط.    

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية