الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«الذكاء الاصطناعي» يرسم توجهات الصناعة الوطنية

«الذكاء الاصطناعي» يرسم توجهات الصناعة الوطنية
23 ديسمبر 2020 01:33

حسام عبدالنبي (دبي)

أجمع خبراء في مجال الصناعة، على أن الذكاء الاصطناعي سيرسم توجهات الصناعة الوطنية في المستقبل القريب، ما سيسهم في تطور قطاع الصناعة في دولة الإمارات، وزيادة تنافسيته عالمياً.
وقال الخبراء لـ«الاتحاد»: إن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا سترسم صورة مغايرة لقطاع الصناعة في دولة الإمارات، بدءاً من شكل المصانع، ومروراً بالعملية الإنتاجية، وصولاً إلى تسويق الإنتاج، مؤكدين أن الآثار الاقتصادية للذكاء الاصطناعي لا تقتصر على تقليل التكلفة وتغيير أنماط الاستهلاك والإنتاج وتحسين الإنتاجية فقط، بل تمتد إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة من خلال الاستثمار الذكي في مختلف القطاعات.
ويعتبر القطاع الصناعي من المحركات الرئيسة في دعم النمو وتعزيز الناتج المحلي للدولة، بحسب تقديرات وزارة الطاقة والصناعة، ومن المتوقع أن تصل مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20% بحلول 2030.
وتؤكد نتائج تقرير مؤشرات أداء القطاع الصناعي للنصف الأول من عام 2020، الصادر عن مكتب تنمية الصناعة التابع لدائرة التنمية الاقتصادية بأبوظبي، ارتفاع عدد الرخص الصناعية الجديدة بفئتي «رواد الصناعة» و«قيد الإنشاء» بنسبة 18% و33% على التوالي، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019، حيث بلغت الرخص التي دخلت حيز الإنتاج 29 رخصة بقيمة استثمارية إجمالية تبلغ 2.6 مليار درهم.
وسجلت أعداد المنشآت الصناعية التي دخلت حيز الإنتاج في الإمارة نسبة نمو تجاوزت 57%، بما مجموعه 66 منشأة صناعية بلغت قيمتها الاستثمارية 6.29 مليار درهم، ووصل العدد الإجمالي للرخص الصناعية المسجلة حتى نهاية 2019 إلى 1552 رخصة شملت 811 رخصة بحالة «إنتاج»، و535 رخصة بحالة «قيد الإنشاء»، و206 رخص خاصة برواد الصناعة.
وأفادت إحصاءات رصدها مركز أبوظبي للإحصاء بأن صادرات قطاع الصناعات التحويلية ارتفعت في نهاية العام الماضي إلى 29.4 مليار درهم، لتشكل نسبة 50.7% من إجمالي الصادرات غير النفطية البالغة 57.9 مليار درهم.
ويؤكد الخبراء أن ظهور الروبوتات في عمليات التصنيع، جاء مع تشغيل شركة جنرال موتورز، أول روبوت صناعي Unimate في عام 1962، ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في اكتشاف العيوب على خط الإنتاج عبر السماح لأجهزة الاستشعار بذلك، وبحيث يتم سحب الجزء المعيب عن خط الإنتاج على الفور، ما يوفر مبالغ طائلة على المصنعين، بدءاً من عملية الإنتاج ونهاية باضطرار الشركات إلى سحب المنتجات المعيبة من السوق، مشيرين إلى أنه في ظل التطورات المستقبلية سيصبح الذكاء الاصطناعي أساسيا في تقييم الفرص والتنبؤ بالطلبيات المستقبلية، إلى جانب تطوير وإنتاج منتجات مبتكرة مصممة خصيصاً لكل عميل على حدة، عبر تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. 

رسم المستقبل
وتفصيلاً، رسم سعود أبو الشوارب، مدير عام مدينة دبي الصناعية، صورة القطاع الصناعي في المستقبل القريب، فقال: إنه سيكون للذكاء الاصطناعي دور في العمليات الصناعية، حيث ستغدو قدرة الحواسيب على التفكير مثل البشر، وستنجز المهام التي يؤدونها بسرعة ودقة أكبر واستهلاك أقلّ للموارد.
وقال: إن توظيف التكنولوجيا الناشئة سيكون له دور محوري في خفض التكاليف ضمن قطاعات عدة، فضلاً عن استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد في الكثير من العمليات الصناعية المستقبلية، لاسيما بعد نجاح استخدامها في تشييد الأبنية وفي رحلات الفضاء، حيث يستخدمها الرواد لصناعة مختلف القطع التي تلزمهم.
وأكد أن دولة الإمارات لطالما كانت سباقة إلى تبني الثورة الصناعية الرابعة، ولذلك فإن مدينة دبي الصناعية حريصة على دعم حلول أتمتة العمليات وتوظيف التكنولوجيا الحديثة والتي تؤدي إلى توفير الكلفة والطاقة بالعمليات التشغيلية، كما تعقد جلسات وفعاليات يتبادل فيها شركاء الأعمال من الشركات الكبرى والناشئة أفضل الممارسات. 

صورة مغايرة
ومن جهته قال الدكتور أحمد بن حسن الشيخ، رئيس مجلس إدارة شركة «دوكاب»، إن حلول الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا سترسم صورة مغايرة لقطاع الصناعة في دولة الإمارات في المستقبل القريب، حيث ستكون البداية عبر شكل العملية الصناعية التي ستعتمد على التطور التكنولوجي واستخدام التقنيات الجديدة، لاسيما «نانو تكنولوجي».
وقال: إن شكل المصنع سيتغير، بحيث تصبح المصانع صغيرة الحجم ومنتشرة في أماكن متنوعة، وعبارة عن عدد محدود من الطابعات الثلاثية الأبعاد التي تنتج المنتج الصناعي النهائي، ما سيوفر الكثير من التكلفة التي يتحملها القطاع الآن، خاصة تكلفة التخزين والتوزيع، بحيث تقتصر على تكلفة نقل المواد الأولية فقط، متوقعاً أن تتوافر الماكينات المستخدمة في الطباعة ثلاثية الأبعاد في مراكز التسوق بأسعار مناسبة.وأوضح الشيخ، أن نماذج الأعمال في قطاع الصناعة ستختلف كذلك، من إنتاج السلع وتوريدها إلى متاجر التجزئة لتوزيعها وتسويقها، لتصبح إنتاج السلع الصناعية وتسويقها عبر الإنترنت ومنصات التجارة الإلكترونية، وتسليمها للمستهلك النهائي مباشرة، من دون الحاجة إلى منافذ توزيع، محذراً من أن مثل هذا الأمر سيمكن الشركات الصناعية في دول العالم المختلفة من تسويق إنتاجها مباشرة في كافة الدول، ومن ثم منافسة المنتج المحلي بمنتج مستورد من خارج الدولة بتكلفة إنتاج أقل، وقد يكون مغشوشاً، أو ذا جودة أقل من المواصفات القياسية المطلوبة.

تعزيز الفرص
وبدوره أفاد الدكتور مصطفى الجزيري، المدير التنفيذي لشركة «هيتاشي إيه بي بي باور جريدز» لمنطقة الخليج العربي والشرق الأدنى وباكستان، بوجود إمكانات هائلة للنمو في مجال الرقمنة في دولة الإمارات، وهو ما يصب في مصلحة قطاع الصناعة ويعزز من فرص نموه وازدهاره، مؤكداً أن فرص النمو في العام الجديد مبشرة للغاية، ونحن على ثقة بأن هذا هو الوقت المناسب بالنسبة لنا، لأن قطاع الصناعة هو الآن بحاجة، أكثر من أي وقت مضى، لحلول طاقة مبتكرة ومستدامة لمعالجة التحديات التي تواجه المجتمع.
وقال: إن توجه دولة الإمارات لتعزيز الاستدامة والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة سينعكس بالتأكيد إيجاباً على نمو العديد من القطاعات (بما فيها القطاعات الصناعية) مثل التنقل، إدارة الطاقة وتعزيز كفاءة الأصول، المدن الذكية، تخزين الطاقة، تكنولوجيا المعلومات، حلول البرمجيات ومراكز البيانات، والتي تساهم جميعها في الارتقاء بالابتكار الاجتماعي، مشدداً على أن توفير شبكات طاقة أقوى وأكثر ذكاء وصداقة للبيئة يمكن أن يدفع عجلة التقدم والازدهار نحو مستقبل مستدام لقطاع الصناعة ولدولة الإمارات العربية المتحدة.
وعن دخول قطاع الصناعة إلى مجالات متقدمة، أوضح الجزيري، أن ذلك سيؤدي إلى ضمان استمرارية الأعمال إلى أقصى الحدود الممكنة، بما يدعم قدرة الشركات والموردين والشركاء.
وذكر أن تسهيل الوصول للطاقة وجعلها معقولة التكلفة ومستدامة، من شأنه أن يعزز من كفاءة الطاقة على مستوى قطاع الصناعة بشكل عام، مع خفض البصمة البيئية، ما ينعكس إيجاباً على فرص النمو والتصدير، داعياً إلى التركيز على الرقمنة من أجل توفير شبكات طاقة ذكية ومراعية للبيئة، فضلاً عن زيادة فرص الوصول إلى طاقة مستدامة موثوقة وميسورة الكلفة، وهو ما تقوم به دولة الإمارات بالفعل، انطلاقاً من الرؤية الثاقبة لقيادتها الرشيدة. 

تفعيل الأتمتة
حددت دراسة صادرة عن إدارة الدراسات والسياسات الاقتصادية بوزارة الاقتصاد أعدها أحمد ماجد، المحلل الاقتصادي، دوافع دولة الإمارات للتوجه لتفعيل الذكاء الاصطناعي في قطاعاتها الاقتصادية المختلفة، وأكدت الدراسة أن قطاع الصناعة يعتبر من القطاعات الاقتصادية الرئيسة المهمة، حيث يسهم في تنويع مصادر الدخل، وبالتالي يجب رفد هذا القطاع الحيوي الهام بمخرجات الثورة الصناعية الرابعة وأبرزها تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأضافت أن الآثار الاقتصادية للذكاء الاصطناعي لا تقتصر على تقليل التكلفة وتغيير أنماط الاستهلاك والإنتاج وتحسين الإنتاجية فقط، بل تمتد إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة من خلال الاستثمار الذكي في مختلف القطاعات، منوهة بأنه وفق تقديرات بعض الدراسات العالمية، فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستكون قادرة على تحفيز النمو في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، بواقع 35% حتى عام 2031، وستصبح دولة الإمارات مركز الذكاء الاصطناعي في العالم بحلول عام 2030.
وذكر ماجد، أن حجم الاستثمارات اليوم في مجال الذكاء الاصطناعي عالمياً يفوق الاستثمارات في التنقيب عن النفط، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يضيف الذكاء الاصطناعي إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي عام 2030 أكثر من 15 تريليون دولار، وهو ما يعادل 10 أضعاف مبيعات النفط عالمياً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©