جمعت النرويج ثروةً قيمتها تريليون دولار أميركي من صادرات النفط والغاز الطبيعي، لكن ثورة الطاقة الخضراء في النرويج تثير جدلا صاخباً الآن. وطاقة الرياح قد تكون جزءاً محورياً في خطة النرويج لتقليص التلوث، لكن كثيرين من الناخبين سئموا من مراوح الرياح شاهقة الارتفاع. وتخوض وزيرة النفط والطاقة النرويجية، تينا برو (34 عاماً)، حملةً انتخابية مثيرة للجدل تدعم فيها طاقة الرياح، رغم تعرضها لمضايقات في العالمين الافتراضي والواقعي. وصرّحت «برو» في مقابلة: «لا أخشى الرسائل الغاضبة، لكن ربما أكون قلقة من تشدد الجدل السياسي العام تجاه بعض القضايا، كما هو الحال في طاقة الرياح. إنني لست مؤيدةً أو معارضة تماماً، لكننا نعلم أننا بحاجة إلى المزيد من الطاقة المتجددة في هذه البلاد». والاحتجاجات ضد طاقة الرياح نابعة من الطفرة في إقامة مراوح الرياح في العقد الماضي. فقد ارتفع إنتاج طاقة الرياح ستة أضعاف تقريباً، وبات يمد البلاد حالياً بنسبة 4% من حاجتها الإجمالية للكهرباء، بينما توفر منشآت الطاقة الكهرومائية الباقي. وخلال عقد السنوات القادم ستستمد صناعة النفط النرويجية الكبيرة طاقتها من الموارد المتجددة، وفقاً لجهات تنظيم الطاقة. وتوقعت شركة الكهرباء النرويجية المملوكة للدولة «ستاتنت» قفزةً بنسبة 30% في الطلب بحلول عام 2040 مع السعي لاستخدام الكهرباء في الصناعة والنقل. 
وتتقلص كلفة طاقة الرياح، لكن عدداً متنامياً من الناخبين يريدون تقليص الاعتماد عليها. ويروقهم أن يَرَوا بدائل مثل الطاقة الكهرومائية أو حتى الوقود الأحفوري، وهو ما يتصادم مع الأهداف البيئية للحكومة. وأظهر مسح في نوفمبر الماضي أن 36% فقط يؤيدون وجود مراوح رياح على اليابسة لتكون مصدراً للطاقة، وذلك مقارنة بـ84% عام 2011. وارتفعت شعبية النفط إلى 29% صعوداً من 16% قبل خمس سنوات وفقاً لمؤشر المناخ في شركة «كانتار جروب» البريطانية لأبحاث السوق التي استطلعت آراء 2085 شخصاً. وبلغ تراجع التأييد وسط الجمهور والمشرِّعين لمزارع الرياح درجة جعلت شركة «ستورم جيو نينا انالاسيسز» لاستشارات الصناعة تستبعد الشهر الماضي إمكانية إقامة أي مزارع للرياح على اليابسة حتى عام 2034. ولا تتوقع شركة «ستاتنت» للكهرباء أي تطوير واسع النطاق لمزارع الرياح باستثناء قبالة الشواطئ. 
وينتمي معارضو مزارع الرياح لكل التيارات؛ فمن بينهم نشطاء بيئيون قلقون من تأثيرها على الطبيعة والحياة البرية، ومنهم أيضاً عاملون في صناعة النفط والغاز. 
ومن المقرر إجراء الانتخابات في سبتمبر المقبل، ولذا فقد بدأت الأحزاب السياسية الرئيسية تعدل برامجها. وبعض الذين كانوا يؤيدون إقامة مزارع رياح على اليابسة يعارضونها الآن، ومن هؤلاء الأحزاب التقليدية المدافعة عن البيئة، مثل حزب اليسار الاشتراكي وحزب الخضر والحزب الليبرالي. لقد ظهرت دوارة رياح على الصفحة الأولى لبرنامج حزب اليسار الاشتراكي عام 2013، لكن الحزب يؤيد الآن حظرها. صحيح أن حزب المحافظين الحاكم، الذي تنتمي إليه «برو»، يعتزم تحسين التراخيص لإعطاء المجتمعات المحلية صوتاً وللاهتمام أكثر بالبيئة، لكن أحزاب أقصى اليمين وأقصى اليسار جعلت من معارضة دوارات الرياح أساساً لبرامجها الانتخابية. 
وعبّرت إيفيند سالن، وهي معلمة ورئيس جماعة «موتفيند» لمعارضة مزارع الرياح، عن رغبتها في الوقف الكامل لمزارع الرياح. ورغم التزام معظم الناس بالاحتجاج السلمي، فقد وقعت بعض الحوادث الخطيرة، بحسب قول «أندرياس تون اشيم»، وهو مستشار خاص لجماعة تعارض مزارع الرياح النرويجية. فقد ذكر آشيم أن «كوابح السيارات تم العبث بها وآلات الحفر تم إضرام النار فيها، وأنه تم نزع مصدر الطاقة من آلات مما تتسبب في تسريب للديزل والسوائل». ويرى مدراء الصناعة أن الشركات قد تغلق أبوابها نتيجة المقاومة المتصاعدة. وهذا قد يعصف بقطاع الإنشاء المتخصص الذي يقيم تجهيزات توليد الكهرباء من طاقة الرياح، ويهدد آلاف الوظائف، كما يهدد خطة البلاد في مجال الكهرباء في نهاية المطاف. 
لكن برو، وزيرة الطاقة والبترول، ترى أن هناك حاجة للمزيد من الكهرباء وتقليص أسرع في الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري. وتضيف: «الجميع سيستقلون سيارات كهربائية. هناك الكثير من الأشياء ستتحول إلى الكهرباء. ومن المهم أن يخطط السياسيون لكيفية تلبية هذه الحاجة». لكن علماء البيئة يقفون إلى جانب أنصار صناعة النفط ضد مزارع الرياح. ويفضل يورجن راندرس، وهو الرئيس السابق لـ«صندوق حماية الحياة البرية» في النرويج وأستاذ فيزياء متقاعد، أن يرى المزيد من توليد الطاقة الكهرومائية. ويعتقد «هونا هونست»، الذي عمل مستشاراً لشركة النفط القومية، أن النرويج يجب عليها مواصلة إنتاج النفط والغاز. وهذا العام واجه الرجل البالغ من العمر 80 عاماً أول مشكلة له مع الشرطة في حياته خلال احتجاج ضد مراوح طاقة الرياح وفُرضت عليه غرامة بقيمة 685 دولاراً. 
وتستعد برو لحملة انتخابات العام المقبل. صحيح أنها مازالت تتألم من مواجهة في الصيف الماضي حين مُنعت من الذهاب إلى اجتماع في مدينة هاجسوند إلى الشمال من العاصمة النفطية ستافانجر. وكانت هذه أول مضايقة تتعرض لها في عملها كسياسية. ومازالت تتلقى رسائل كراهية كل يوم. وتعتقد برو أن «طاقة الرياح تنطوي على افتئاتات كبيرة على الطبيعة. لكن هذا ينطبق على أي تطوير لنوع ما من الطاقة، ومن المهم الانتباه لهذا».

لارس إيريك ولارس بولسون وياسبر ستارن
صحفيون متخصصون في قضايا الطاقة
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيسرفس»