تتداول بين العراقيين الشِّيعة، منذ أبريل 2003، عبارة «مجهول المالك»، التي اُتخذت ذريعة لنهب أموال وممتلكات الدَّولة، على أنها غير شرعيَّة، فالدَّولة الشّرعيَّة، في الفقه الإمامي عموماً، هي التي يقودها الإمام المعصوم، وليس أكثر من الاستفتاءات التي أجابت عليها مرجعية النَّجف بخصوص التَّصرف بالمال العام، وكان الجواب «لا يجوز»(مكتب مرجعية السيستاني، استفتاءات مجهول المالك). أمَّا إذا لم تكن الجهة المالكة معلومة، فيوزع المال على الفقراء «المتدينين». نلاحظ المرجعية بالشَّق الأول تعارضت مع الإسلام السياسي، كونه لا يقرُّ بوجود وطن إنما وجود إمبراطورية إسلامية، ومِن جانب آخر عبرت عن حدودها الدِّينية عندما جعلت تلك الأموال استحقاقاً للمتدينين فقط؛ وهنا تعارضت مع الوطنيّة، بمعنى أن غير المسلمين، والمسلمين غير المنضبطين دِينِيّاً لا يستحقون تلك الأموال! 
يقول فقيه «حزب الدعوة» محمد كاظم الحائري عن فكرة الوطن في تصور الإسلاميين: «الوطن عند الإسلام هو كلّ بلاد المسلمين، حيث تحكمها دولة إسلاميّة واحدة بقانون إسلاميّ واحد شرّعته لها السَّماء؛ ولم يقم على أساس من تعاقد اجتماعيّ وأمثاله، ولا يمكننا تصوّر دول إسلاميّة عديدة في حال وجود الإمام(ع)، أمّا في حال غيبته فيمكن تصوّر مناطق عديدة تحكمها رئاسات، ولكنّها كلّها تطبق النظام الإسلاميّ بما فيه من تشريعات، وهي جميعاً تحكم بالنيابة عن الإمام«(موقع الحائري، مفهوم الوطن). 
ومع إلغاء فكرة الوطن، يأتي التَّصور الفقهي مِن أنّ كلَّ ما على الأرض ليس ملك النَّاس إنما ملك الله، وبالتَّالي الحقّ به لمن يمثل الله، نقرأ عند الشَّيخ محمد حسن النَّجفي (تـ:1850):»الدُّنيا وما فيها لله ورسوله ولنَّا(الأئمة)«(جواهر الكلام)، وجاء أيضاً:«خلق الله تعالى آدم وأقطعه الدُّنيا، فما كان لآدم فلرسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كان لرسول الله فهو للأئمة مِن آل محمد«(نفسه، باب الخُمس)، ومعلوم أن الإمام المهدي هو الوارث لِما على الأرض، ونائبه«الولي الفقيه»هو المتصرف الشَّرعي لا غيره. 
هنا تشكلت ثقافة شعبية، على أن الدَّولة، في عصر الغيبة، كلّ ما تملكه يُعد مغتصباً، يمكن التَّصرف به بلا حرج. فالدَّولة خارج تلك الولايَّة لا تملك شيئاً، وما يؤخذ منها بلا حقٍّ لا يُعد فساداً، إلى جانب إذا اختلط الحرام بالحلال يُحلل بدفع الخمس لنائب الإمام. 
يؤدي اختراق الفقه للدَّولة إلى إشكالات عدة، فالنَّاس تتبع الفقهاء وفق التَّقليد الدِّيني، فإذا كان المسؤولون يُقلدون الفقهاء، في المعاملات الماليَّة، تصبح مسألة المال «مجهول المالك» ذريعةً للفساد بالأموال العامة! مِن قِبل الذين يبحثون عن مبررٍ لاستباحة أموال الدَّولة. 
غير أن نائب الإمام، يكون«مجهول المالك حلالاً له». يُذكر أن الشَّيخ جعفر كاشف الغطاء(تـ:1812)، كانت له سطوة على شاهات إيران، لكن مِن ناحية الفقه يعتبر أموال الدولة«مجهولة المالك»، فلما أقام له حاكم أصفهان وليمةً، قال له:«إن هذا الطَّعام الذي تتناوله هو فعلاً مِن الحرام» مِن الجمارك والضّرائب! فأجابه الشّيخ:«مجهول المالك عليَّ حلال وعليك حرام» (التّنكابي، قصص العلماء)، لأن الشَّيخ كان بحكم نائب الإمام. 
أقول: جزء كبير مِن الفساد يحصل بذريعة مجهول المالك، مِن قِبل المتوهمين بالفوز بما يُبيحه لهم الفقه؛ ومع أن المرجعيَّة الحاليَّة، أفتت بحرمة أموال الدَّولة، مِن دون إذن مِن المسؤولين. لكنَّ المسؤولين الإسلاميين أنفسهم لا يقرون، في قرارة نفوسهم، بوجود كيان اسمه الوطن، إذا لم تطبق فيه الحاكمية الإلهيَّة، والأقرب لهم دولة الولي الفقيه، وإن كانت أجنبيَّة، لهذا يسهل التَّهادي بأموال دولة غير شرعية بالنسبة لهم كالدَّولة العراقية، على أنَّ أملاكها مِن صنف«مجهول المالك»!.