دينا محمود (لندن)
مع استمرار العد التنازلي لتولي الرئيس الأميركي جو بايدن مهام منصبه في العشرين من الشهر المقبل، يولي المحللون السياسيون في الولايات المتحدة، اهتماماً للسياسات التي تعتزم الإدارة الديمقراطية الجديدة انتهاجها لكبح أطماع نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على الصعيدين الداخلي والخارجي. فوفقاً لهؤلاء، يتعين على بايدن تبني توجهات أكثر صرامة، بهدف التصدي لسياسات أردوغان التوسعية على الساحة الإقليمية من جهة، ولإجباره على وقف انتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان في الداخل التركي من جهة أخرى.
وتشكل نقطة البداية الرئيسة لسياسات بايدن في هذا الصدد، إقراره بحقيقة أن أردوغان لم يعد صديقاً للغرب، ولا نصيراً للحرية، وذلك بحسب ما جاء في افتتاحية لصحيفة «نيويورك بوست» ذات التوجهات المحافظة، التي رأت أن التعامل مع النظام التركي، يشكل أحد تحديات السياسة الخارجية للولايات المتحدة، خلال السنوات الأربع المقبلة. وذكرّت بما قاله الرئيس المنتخب في مقابلة سابقة مع «نيويورك تايمز» عام 2014، من أن أردوغان «مستبد»، وأن على الولايات المتحدة إبداء الدعم لمعارضيه، الذين يريدون إخراجه من منصبه بالوسائل السياسية.
وقالت الصحيفة، إن أردوغان حظي بمعاملة تفضيلية خلال حقبتيْ الرئيس السابق باراك أوباما والحالي دونالد ترامب، وعمد من خلال تحالفه مع جماعة «الإخوان» الإرهابية، وغيرها من الجماعات الدموية والمتطرفة في الشرق الأوسط، إلى سحق الحرية في بلاده، وهو ما ازدادت وتيرته منذ الانقلاب الفاشل، في 2016، حيث سجن عشرات الآلاف من المعارضين، وعمد إلى إحياء أوهام «الدولة العثمانية» البائدة، فضلاً عن إذكائه نيران الحرب ضد الأكراد الأتراك، والتورط في مقامرات عسكرية خارجية في دول الجوار مثل سوريا والعراق، إضافة إلى إرسال قوات ومرتزقة إلى ليبيا، في إطار استراتيجية توسعية، تهدف إلى اقتطاع حصة غير قانونية، من الاحتياطيات الهائلة لموارد الطاقة في المنطقة.
ورأت «نيويورك بوست» أن لدى بايدن الفرصة لإعادة ضبط العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، وجعلها تمضي من جديد على المسار الصحيح، مشددة على أن اتخاذ مواقف صارمة حيال أردوغان منذ البداية، ربما لم يكن ليجعل تركيا تنحرف بهذا القدر عن تحالفها التقليدي مع الغرب، ولم يكن ليجعل سجلها في حقوق الإنسان، بهذا السوء. وأكدت أن المطلوب الآن هو إدارة أميركية تُوصل رسالة واضحة لأردوغان، لا تنطوي على أي دعم لمطامعه الاستبدادية»، وهو ما يستطيع بايدن القيام به.
وتأتي هذه المطالبات بالتصدي للسياسات الديكتاتورية للنظام التركي، في وقت كشف فيه موقع «نورديك مونيتور» الإلكتروني النقاب عن أن السلطات الحاكمة في أنقرة، شنت خلال السنوات الماضية، حملة تجسس واسعة النطاق، ضد معارضي أردوغان المقيمين في استراليا. وأشار إلى أن هذه الحملة، استهدفت جمع معلومات استخباراتية بشأن هؤلاء المعارضين، للمساعدة على إعداد لائحة اتهام جنائية في داخل تركيا ضد الكثيرين منهم، وأنها نُفِذَت من جانب الدبلوماسيين الأتراك، ما يشكل انتهاكاً صارخاً للاتفاقيات والأعراف الدولية، التي تحكم عمل البعثات الدبلوماسية في الخارج. ولفت إلى أن حملة التجسس شملت بشكل خاص، عدداً من المعلمين والمهنيين ورجال الأعمال الأتراك، الذين يقيمون في مدن كانبيرا وسيدني وملبورن، ممن يشتبه نظام أردوغان في أن لهم صلة بحركة فتح الله جولن، المتهم بالوقوف وراء محاولة الانقلاب.