يوماً بعد يوم تتأكد الحاجة إلى بذل مزيد من الجهود من أجل تجفيف منابع تمويل جماعة «الإخوان المسلمين»، باعتباره الخطوة الأهم على طريق القضاء على خطر هذه الجماعة. ورغم الجهود الكبيرة المبذولة لحرمان الجماعة من مصادر تمويلها، فإنها أظهرت مهارة عالية في إخفاء قدر كبير من أصولها المالية، مستغلة في ذلك تناقض المصالح الإقليمية والدولية بشأنها واختلاف الرؤى حول خطرها. 
وقد لجأت الجماعة إلى طرق وأساليب عديدة ومتنوعة لإخفاء مصادرها المالية، من بينها: استثمار الأموال في مشروعات باسم أفراد أو جمعيات تابعة لها، والقيام بعمليات غسل أموال يديرها تنظيمها الدولي في الخارج، وتحويل الأموال إلى شركات بترول أسستها عام 2011 في دول أخرى، وإلى بنوك في سويسرا، وفي دول أخرى توصف بأنها جنات ضريبية، وغيرها من الأساليب.
وهذه القدرة التي أظهرتها الجماعة لإخفاء أصولها المالية عبر توزيعها في العديد من دول العالم تتطلب بذل جهد دولي أكثر تنسيقاً وفاعلية لتتبع تلك الأصول وتجفيفها. فقد أثبتت التجربة أن أي دولة مهما بذلت من جهد، لن تتمكن بمفردها من تحقيق هذا الهدف. مع الأخذ بالعلم حقيقة التباينات القائمة حالياً بين دول العالم بشأن السياسات التي يُفترض اتباعها مع هذه الجماعة، فإن هذا الجهد الدولي يمكن تركيزه الآن، وكبداية، على تنسيق مواقف الدول التي تضررت من أنشطة الجماعة وممارساتها، على أن توضع استراتيجية متكاملة الأركان تشمل أبعاداً قانونية وقضائية ومالية ودبلوماسية، ويتم تنفيذها وفق آليات عملية تكون قادرة على استهداف شبكات «الإخوان» المالية المترامية الأطراف.
كما أن هناك جهداً بحثياً ينبغي أن يبذل في هذا الصدد، لكشف شبكات تمويل «الإخوان» ومساعدة الحكومات على تجفيفها، وفي هذا السياق أولى «مركز تريندز للبحوث والاستشارات» أهمية كبيرة لهذه المسألة، فأصدر، مؤخراً، كتاباً جديداً تحت عنوان: «البناء الاقتصادي لجماعة الإخوان المسلمين.. شبكات المال والأعمال والتمويل»، يسلط من خلاله الضوء على البناء الاقتصادي للجماعة، ويتتبع تطوره التاريخي، ويرصد مصادر تمويل الجماعة الرئيسية، ويستكشف دور تنظيمها الدولي في إدارة شبكات المال والأعمال الخاصة بها في الخارج. 
كما سينظم المركز يوم الثلاثاء المقبل الندوة الخامسة والأخيرة له ضمن «منتدى تريندز للإسلام السياسي السنوي الأول: الطريق إلى الخلافة.. حقيقة المشروع الإخواني»، التي ستُعقد عن بُعد تحت عنوان: «الاستثمار تحت غطاء الدين: إمبراطورية الاقتصاد الإخواني»، وسيشارك فيها عدد من الباحثين والخبراء الدوليين في مجالي الاقتصاد والإسلام السياسي، الذين سيناقشون مجموعة من القضايا والموضوعات التي ترتبط بكيفية توظيف جماعة «الإخوان المسلمين» الإرهابية للدين في خدمة اقتصادها، وآليات تمويل الجماعة وقنوات إنفاقها، وكيفية تجفيف مصادر تمويلها.

*مركز تريندز للبحوث والاستشارات.