من خلال اطلاعنا على حيثيات الملتقى، وما دار في ثناياه من شجون وشؤون، ورد إلى أذهاننا بأن الورشة المبتكرة لاستكشاف سبل التعاون، وتبادل المعرفة، هي النبرة القيمية التي من خلالها تستقصي الوزارة النبض في أفئدة الذين تعنيهم العملية التعليمية، كما أن جلسة النقاش التي يحضرها ذوو الاختصاص، إنما هي نابعة من قناعة راسخة لمسؤولي التربية بأنه ما من قوة تستطيع أن تحرك عجلة الحياة، إلا ذلك العقل، وكما قال الفيلسوف الإنجليزي، فرنسيس بيكون «المعرفة قوة»، والمعرفة لا يمكن أن تتوافر إلا بوجود العقل المنفتح على العالم كما هو المحيط، ووزارة التربية كرست الجهود الكثيفة من أجل ترسيخ هذا الوعي، أي الوعي بأهمية أن يكون المجتمع بكل فئاته حاضراً، من إدارة الحوار، والدخول في نقاش  معرفي يؤهل الجميع بالنهل من النتائج، والاستفادة من ثمار المشاركة في صنع القرار التربوي، (فالوجود اختيار، وعدم الوجود، عدم اختيار). 
فنحن جميعاً معنيون بالاختيار، أي اختيار طريقة تعليمنا، وأسلوب حياتنا، وكيفية التعامل مع معطيات وجودنا، وأهمها كيف نتعلم، وكيف نستقي التعليم، وكيف ننهض بأسلوب تعليمنا، فما كان يصلح للتعليم قبل عشرين سنة مثلاً، يصلح للقرن الحادي والعشرين، وما يصلح لهذا القرن لن يتلاءم لتعليم جيل سيعيش بعد خمسين سنة، ونحن مقبلون على زمن، أي بعد خمسين سنة على متغيرات في جميع المجالات، فالثقافة ستتغير، والاقتصاد، وسبل تنميته وتوسيعه، كما أن الفكر بأشمله سوف يسبح في مياه غير المياه، والأجنحة سوف تحلق في فضاءات غير هذه الفضاءات، الأمر الذي يتطلب من الجميع الوقوف مع تطلعات وزارة التربية، والتعاون مع جهودها، ولتتضافر كل الإمكانيات من أجل أبنائنا، ومن أجل مستقبل بلادنا، ومن أجل أن نستمر دوماً ونحن في المقدمة، وفي الصفوف الأولى، وعند هامات السحابة وعند شغاف النجمة، ولكي نضمن لأنفسنا مكاناً في قلب الضوء، يجب أن نتحدى أنفسنا.
وما تقوم به وزارة التربية هو التحدي، وهو التصدي، وهو تبديد العتمة، وتحديد المكان الذي تستحقه الإمارات، وتسديد الخطوات نحو استثنائية المكان، والمكانة.
في هذا الملتقى الذي استمر يومين واستهدف 25 ألف معلم من المدارس الحكومية، و10 آلاف معلم من المدارس الخاصة، إلى جانب ألفين من القيادات المدرسية، وانصبت جهود الملتقى على وضع اللبنات الأساسية لتعليم منتظر في الخمسين سنة القادمة.