في ظل تتابع حصول أنواع عدة من التطعيمات ضد فيروس «كوفيد-19» على تصاريح وموافقات من الجهات الصحية الرسمية في بعض الدول، والتوقع بتوالي المزيد من هذه التصاريح والموافقات خلال الأيام والأسابيع القادمة، فرضت العديد من الأسئلة والاستفسارات نفسها، حول طبيعة وشكل عالم ما بعد التطعيمات.
أول هذه الأسئلة يتعلق بما إذا كان سيظل من الضروري ارتداء أقنعة الوجه والكمامات بالنسبة لمن تلقوا التطعيم؟ والإجابة ببساطة هي: نعم، وبغض النظر عن نوع أو بلد المنشأ للتطعيم الذي يتلقاه الشخص. فبداية، لا زالت الكمامات تعتبر من أهم سبل الوقاية ضد العدوى بالفيروس. أما لماذا يجب الاستمرار في ارتدائها بعد التطعيم، فذلك مرده إلى أنه ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان مَن تطعموا سيظلون قادرين على نقل العدوى لمن لم يتطعّموا. بمعنى، أنه لا زال من غير المعروف ما إذا كان مَن تلقى التطعيم، وحصل على الوقاية اللازمة، يمكن للفيروس أن يتسلل إلى أنفه دون أن تظهر عليه أية أعراض، ومن ثم الانتقال إلى الآخرين؟
الجهل باحتمالية هذا السيناريو أو عدم إمكانيته، مرده إلى أن الدراسات التي أُجريت على التطعيمات خلال المراحل المختلفة، كانت تتابع فقط الأشخاص الذين ظهرت عليهم أعراض. بمعنى، أنه من بين من تطوعوا لتجربة الفيروس، تم تسجيل ومتابعة مَن ظهرت عليهم أعراض المرض، بينما لم يتم التحقق مما إذا كان مَن تطعّم يمكنه نقل الفيروس للآخرين. هذه الحقيقة تحتل أهمية خاصة في ظل أن 40% من حالات العدوى بكوفيد-19، لا تظهر عليها أي من أعراض المرض.
ورغم أن عدد مَن سيتلقون التطعيم حول العالم خلال الأيام والأسابيع والشهور القادمة، سيشهد زيادة مطردة خلال تلك الفترة، فإنه نظراً لمحدودية المتوفر من جرعات حالياً، سيشكل هؤلاء نسبة صغيرة من سكان العالم لمدة غير قصيرة، بينما سيظل السواد الأعظم من أفراد الجنس البشري دون تطعيم لشهور، وربما لسنة أو أكثر. وهو ما يعني أن السواد الأعظم هذا، سيظل عرضةً للعدوى بالفيروس، مما يجعل من الضروري والهام بالنسبة لمن تلقوا التطعيم أن يستمروا في ارتداء الكمامات، وتطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي، لتوفير الحماية للآخرين.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية