لم نكن يوماً أقل وفاءً تجاه الأحياء أو ممن رحلوا من كتاب وأدباء، ولا شك بأن المؤسسات الثقافية تتحمل مسؤولياتها تجاه الثقافة والمثقفين بالإمارات، بحكم أنها أصبحت رائدة وتعمل بمنهجية، كلما توافرت بها الإدارة الفاعلة والناضجة والمخططة والمستوعبة للرأي والرأي الآخر، وكلما شكلت لها الإرادة في تحمل هذا الإرث الثقافي الذي أصبح يتسع ويتنامى يوماً بعد آخر، فالعمل الثقافي أصبح بحاجة ماسة إلى صناعة ثقافية جادة ومبتكرة وليست عملاً مصطنعاً أو ترفيهياً. 
وفي الآونة الأخيرة أثير حديث حول من رحلوا من كتابنا وأدبائنا، وما يمكن فعله لتخليدهم تخليداً لائقاً، وهذا يعد من دور المؤسسات الثقافية لترجمة هذا الفعل، فماذا لو كرمت هذه المؤسسات في كل عام كاتباً له بصماته الثقافية، أو كوكبة من المثقفين؟ ماذا لو جمعت بعضاً من مخطوطاتهم المهمة أو موجودات تركت هنا أو هناك، أو عملت هذه المؤسسات على الاحتفاء بالأمكنة الثقافية، أو العمل على إعادة تشييدها بصورة لائقة وفاعلة سياحياً، كما تفعل الدول المتحضرة، فهذا يعطيها طابعاً ثقافياً وبعداً عالمياً، وآخر محلياً، فلا شك هناك تطلعات ثقافية من قبل بعض هذه المؤسسات، فهل عملت على ترجمتها بالشكل اللائق؟
قبل سنوات، أطلقت بعض المؤسسات الثقافية أسماء بعض من رحلوا من الأدباء والكتاب على قاعات النشاط الثقافي، لكن ما جدوها؟ لا قيمة لهذه التصورات التي ورثت بشكل أو آخر، وهل يعقل أن نواصل هذه الأفكار الشاحبة ونجر بها عربة الماضي، لماذا لا نخلق ونبتكر في هذا الشأن ما يمكن أن يمثل إضافة حقيقية.
فهل حان الوقت لطرح الرؤى التنويرية، وبأساليب مختلفة لتحافظ على ثقافتنا ومورثنا الثقافي، فالتكريم الأهم هو في بلورة العمل الثقافي من حيث التعايش مع الحياة ويعكس الدلالات الحضارية، فوسائل التواصل المجتمعية مهمة في هذا الشأن، برصد بما لم ينشر من كتابات قيمة ومهمة سواء حضر كتابها بيننا، أو غيبهم الرحيل.
وبهذا المفهوم الكبير قد تضاف إلى المكتبات كتب رائعة، لذا لا بد للمؤسسات الثقافية أن تخرج من هذه الصورة المنغلقة، وأن تفعل أدوارها، وتترجم أعمالها بشكل رائد ومفيد لمجتمعنا وأجيالنا القادمة.