هل ستتبنى إدارة بايدن مجموعة من السياسات المختلفة بشكل جذري في الشرق الأوسط؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هي المواضيع التي ستعتبرها ذات أولوية؟ الواقع أنه من غير المحتمل أن يقوم بايدن بسحب الهدايا الدبلوماسية التي قدمتها إدارة ترامب لحكومة نتنياهو، وخاصة القرار المتعلق بنقل مقر السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. كما يتوقع أن يقبل الاتفاق الإبراهيمي باعتباره سياسة جيدة للولايات المتحدة، ومن المرجح أن يشجع على مزيد من العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والدول العربية. أما المواضيع المتوقع أن تخضع لمراجعة فتشمل الاتفاق النووي مع إيران والعلاقات الأميركية مع تركيا والمشكلة الفلسطينية. 

ربما تكون إيران التحدي الأصعب، لأن المجال الذي يثير القلق بخصوصها اتسع ليشمل تدخلاتها العسكرية في المنطقة والتطور المتزايد لبرامجها الصاروخية. 
في 18 مايو 2018، انسحبت إدارة ترامب من «خطة العمل الشاملة المشتركة»، أو الاتفاق النووي الإيراني. لكن هذا القرار لم يجد تأييداً واسعاً بين الدول الأخرى الموقِّعة على الاتفاق. وبحلول عام 2020، نمت قدرات برنامج إيران النووي وتطورت، بدلاً من أن يتم احتواؤها. ورغم العقوبات الأحادية التي شُدّدت على إيران كثيراً، فإنه يمكن اعتبار سياسة ترامب بهذا الخصوص غير فعالة. وعليه، يمكن القول إن المأزق بالنسبة لبايدن يكمن في أنه إذا كان يرغب في توسيع قائمة أعضاء «خطة العمل الشاملة المشتركة» الأصلية لتشمل الدول الخليجية الرئيسية، فمن المتوقع أن يتعرض لضغط كبير من أجل إدراج القضايا الاستراتيجية التي استُبعدت عن قصد من الاتفاق الأصلي. وإلى ذلك، من غير المرجح أن توافق إيران على مفاوضات أشمل من دون تلقي تنازلات في المسائل الاقتصادية، مثل تخفيف العقوبات. 

أما المسألة الثانية، فتتعلق بسياسة بايدن تجاه تركيا، والتي يتوقع أن تكون أقل تساهلاً بكثير من مقاربة ترامب. فبايدن من أشد المؤيدين لـ«الناتو»، ويعتبر أكراد سوريا حلفاء للولايات المتحدة. وبالمقابل، فقد تباهى ترامب بعلاقاته الوثيقة مع أردوغان الذي يعتبره معظم الأميركيين سلطوياً. ولهذا يتوقع أن ينتقد بايدن العمليات العسكرية التركية ضد الأكراد في شمال سوريا، إضافة لشرائها منظومة صاروخية متطورة من روسيا. 

ومن المتوقع أن يكون بايدن أكثر دعماً للجهود الرامية لإعادة إطلاق مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وإذا كان ترامب قد تجاهل الفلسطينيين لأربع سنوات، فإنه لم ينسهم في قضيتهم الوطنية. البلدان العربية التي تحتاجها الولايات المتحدة من أجل صياغة سياسة جديدة للشرق الأوسط ما زالت تعتبر تسوية عادلة للمشكلة الفلسطينية هدفاً مهماً. والواقع أنه من غير المتوقع أن يقدّم بايدن حلولا أو يستضيف اجتماعات رفيعة المستوى في منتجع كمب ديفيد أو أي موقع أميركي آخر؛ غير أنه قد يكون أكثر استعداداً لتحدي نتنياهو بشأن المحنة الإنسانية للفلسطينيين. وبخصوص هذه المسألة، يتوقع أن يحصل بايدن على دعم كبير من اليهود الأميركيين الذين يُعدون أكثر ليبرالية من البروتستانتيين الإنجيليين الأميركيين الذين دعموا بقوة سياسات ترامب في الشرق الأوسط، بما في ذلك قبول توسيع النشاط الاستيطاني الإسرائيلي. 
ولئن كانت هذه المواضيع مهمة، فالواقع أن بايدن سيكون أيضاً رهينة لأحداث المنطقة والتي لا يمكن التنبؤ بها الآن. ذلك أن أي عدد من الأزمات يمكن أن يظهر خلال الأشهر المقبلة.

*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشيونال إنترست»