فوجئ عدد من المبتعثين للدراسة في الخارج بوقف حساباتهم والتحويلات الخاصة بمكافآتهم الشهرية عن طريق أحد مصارفنا المحلية، لا لشيء إلا لأن الفرد منهم قد بلغ الحادية والعشرين من العمر، مما يحتاج معه لإجراءات خاصة به، باعتباره - أي صاحب الحساب- قد شبّ عن الطوق.
كل التقدير والالتزام بما تقتضيه الأنظمة واللوائح المصرفية، ولكن أسلوب الوقف والتجميد غير مبرر على الإطلاق، خاصة أن هؤلاء الشباب بعيدون عن أهلهم وبلادهم، ولم يرتكبوا مخالفة تستوجب التصرف المبالغ فيه، والذي كان بإمكان البنك إمهالهم لحين عودتهم إلى البلاد في إجازاتهم، أو القبول بإنجاز تحديث بياناتهم افتراضياً وعن بُعد.
 اليوم اتفاقات ومعاهدات بين دول وشركات عالمية كبرى توقع عن بُعد، فما بالك بتحديث بيانات طالب أو طالبة في الخارج؟ ولكن للأسف عقلية القطع والمنع والإجبار لا تزال تهيمن على تفكير وأسلوب الكثيرين في مختلف مؤسساتنا الحكومية منها والخاصة عند تعاملهم مع المتعاملين.
كنت أتمنى من ذلك الموظف البيروقراطي الذي برر الأمر بأنه بسبب «السيستم» أن يضع نفسه في موقف الطالبة أو الطالب ممن فوجئوا بوقف مخصصاتهم، وعدم تحويلها وهم في الغربة. ويعتبر أن من بينهم ربما تكون ابنة أو ابناً له أو أختاً أو أخاً ليضعهم في ذلك الموقف غير المبرر، ولو كان السبب ذلك «السيستم» المبرمج من أصحاب تلك العقليات الغريبة.
مشكلة التعامل مع مثل هذه العقليات أنها لا تقدم حلولاً لمعالجة أي مشكلة؛ لذلك أسهل الأمور عندها الوقف والتجميد دون أدنى تفكير بتبعات قراراتهم والمعاناة التي تترتب عليها ويواجهها الشباب المبتعثون، والذين من واجبنا جميعاً نحوهم مساعدتهم على تركيز كل تفكيرهم في أمور دراستهم لتسريع عودتهم لبلادهم وأهلهم، وهم يحملون الشهادات الرفيعة، وإحاطتهم بكل الاهتمام والرعاية ليشعروا بأننا معهم وقريبون منهم، رغم أنهم بعيدون عنا بآلاف الأميال، لا إشغالهم بأمور وقضايا روتينية، وجلب هذه الورقة أو تلك لإرضاء «السيستم»، ومن تولى برمجته.
أتمنى من المصرف المعني وأمثاله مراجعة الخطوة غير المبررة، وربطها بعودة المبتعث، أو اعتماد تحديث بياناته افتراضياً بعد اتخاذ الإجراءات الثبوتية، كما يحصل اليوم في دائرة القضاء عندنا، حيث أصبح الاعتماد على التطبيقات التقنية في البتّ في العديد من القضايا، وليس مجرد تحديث بيانات، وكان الله في عون المبتعثين المتضررين.