لا تفتأ دولة الإمارات العربية المتحدة تُبهرنا بابتكار خطط وبرامج واستراتيجيات تقوم من خلالها بتعزيز التنمية والتطوير لقطاعاتها الحيوية كافة، وهو ما تمثّل مؤخراً في اعتماد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، «استراتيجية السياحة الداخلية في دولة الإمارات»، و«الهوية السياحية الموحدة»، كامتداد للهوية الإعلامية المرئية للدولة، بما يرسّخ صورة الإمارات كمركز جذب سياحي، ويعزّز من مشاركة قصتها الملهمة للعالم. وإضافة إلى ذلك أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «رعاه الله»، حملة «أجمل شتاء في العالم»، لتكون أول حملة موحدة للسياحة الداخلية، مدتها 45 يوماً، وتستهدف تشجيع مختلف فئات المجتمع على التوجه نحو السياحة الداخلية في إمارات الدولة كلها.
ولأن قطاع السياحة يُعدّ من أهم القطاعات التي بدأت دولة الإمارات الاهتمام بتطويره مبكّراً، وخصوصاً حين توجهت إلى تنويع قاعدتها الاقتصادية، فإن إطلاق سموه «استراتيجية السياحة الداخلية»، و«الهوية السياحية الموحدة لدولة الإمارات»، وحملة «أجمل شتاء في العالم»، سيكون من أكبر المحفزات التي ستطوّر القطاع، وتعزز في الأنفس الرغبة، والإصرار على زيارة المناطق السياحية في الدولة، ولا سيما أنها غنية بالمعالم الطبيعية والبيئية والترفيهية والتراثية والتاريخية، التي تصنع من تجربة السائحين تجربة لا تنسى.
ويشير قول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «رعاه الله»: إن «استراتيجية السياحة الداخلية بداية لتوحيد الجهود.. وتنسيق الطاقات.. واستغلال كافة مواردنا السياحية بشكل أكبر»، إلى النظرة العميقة والتخطيط الناجح في تحقيق أكبر قدر ممكن من التقدّم والتطوير. كما يؤكد قول سموه: «أطلقنا هوية سياحية موحدة للدولة لأننا نريد أن نكون وجهة سياحية موحدة.. واقتصاداً وطنيّاً موحداً.. وفرصاً موحدة لجميع شباب الإمارات أينما كانوا»، الفكر المستدام الذي تعمل من خلاله القيادة الرشيدة على النهوض بالاقتصاد الوطني على أيدي شابات الدولة وشبابها، الذين يمتلكون أبدع المعارف وأهم المهارات في تعزيز النمو الوطني، والوصول إلى مستقبل يحقّق لهم الرفاه والسعادة.
لقد تمكنت دولة الإمارات من صناعة اسم لها على الخارطة السياحية العالمية، وخصوصاً أن «لديها خبرات سياحية كبيرة.. وموارد ضخمة.. وكنوزاً ثقافية وأثرية وعمرانية»، كما قال سموه، الأمر الذي حدا بمؤسسات الدولة المتخصصة في القطاع السياحي، العامة والخاصة، إلى بذل جهود كبيرة واستحداث خطط نوعية ناجحة عزّزت من استقطاب السائحين إلى الدولة، من الداخل والخارج، وهو ما ينعكس على تسريع التعافي الاقتصادي، ومضاعفة العائدات الناجمة عن تنمية هذا القطاع، ويخلق فرصاً كثيرة للأعمال، ويزيد من الفرص الرائدة التي تمكّن الشباب من الانخراط في هذه المجالات، باعتبارها انعكاساً لحضارة الدولة وتراثها العريق، التي تتطلب تنسيق الطاقات واستغلال الموارد السياحية كافة.
إن المتأمل للتداعيات التي تسبّبت بها جائحة «كورونا» للاقتصادات العالمية، وتضرر الكثير من القطاعات، وعلى رأسها قطاع السياحة، جرّاء الجائحة، يدرك أهمية العمل على تعزيز هذا القطاع في هذه المرحلة، فدولة الإمارات، وإن أصبحت أول المتعافين في العالم من تداعيات «كورونا»، فإنها تواصل الخطى نحو إعادة الألق للسياحة فيها، وذلك من خلال توجيهات القيادة الرشيدة بضرورة بناء القدرات السياحية، ودعم نمو شركات السياحة الداخلية، وتوزيع الموارد للارتقاء بمنظومة السياحة في كل إمارة تحت مظلة «الهوية السياحية الموحدة»، وتشجيع الاستثمارات في مشاريع السياحية الداخلية، وتطوير السياسات والبرامج والخطط التي تروّج لسياحة داخلية بين مختلف إمارات الدولة، واستحداث برامج أكاديمية وتدريبية في هذا النوع من السياحة، وإعداد كوادر مؤهلة في هذا القطاع، والعديد من الآليات اللازمة للتسويق السياحي داخل دولة الإمارات.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية