يقدم تقرير مستقبل الوظائف، والذي بدأ بالصدور عن «منتدى دافوس» عام 2016، نظرة عامة عالمية، ويلاحظ الزيادة التكنولوجية المستمرة في العمل والوظائف والمهارات المتوقعة والمتوقفة، ويتوقع أن 15 في المائة من الأعمال معرضة للاختفاء بحلول عام 2025 وأن 6 في المائة من العاملين سوف يهاجرون إلى قطاعات أخرى. ويأتي في طليعة مجالات الوظائف الجديدة الاقتصاد الأخضر والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وتطوير المنتجات وإنتاج المحتوى. 
لم تنشئ جائحة «كوفيد-19» الآفاق والتحديات والفرص الجديدة في الأعمال، فهي قائمة بالفعل وبدأت تتشكل منذ سنوات، لكن الجائحة عززتها وسرعت في ظهورها، وقد أصبح بديهياً اليوم التأكيد على ضرورات تنمية وتعزيز المهارات البشرية من خلال التعليم والتعلم، واستهداف الرفاه الفردي والمجتمعي، واستيعاب التحولات العالمية في الأعمال والأسواق. والاهتمام بالقطاعات والأسواق الجديدة، وملاحظة الارتباط غير المسبوق بين الأسواق والقطاعات الاقتصادية، والمعلومات التي تنتقل وتنتشر بسرعة. 
لقد حدث تقدم تكنولوجي في العقد الماضي ينشئ آفاقاً وإمكانيات جديدة في العمل، منها على سبيل المثال النزوح الجماعي للوظائف، وقد يحدث نقص غير مقبول في المهارات، كما يجري تحدي للطبيعة المتفردة للذكاء البشري، وسوف يكون العقد القادم إعادة مراجعة وفحص للإمكانات البشرية المتفردة في مرحلة جديدة مختلفة. 
وتباطأت العولمة الاقتصادية في عام 2020 بسبب الجائحة والركود والاستقطاب السياسي، وتأثرت بسبب ذلك أعمال وفرص الملايين من الناس والذين تغيرت حياتهم تغيراً عميقاً. وتتشكل ضرورات لبناء استراتيجيات تمكن العاملين من الانتقال إلى الوظائف والأعمال الجديدة والناشئة، واستيعاب التوغل التكنولوجي في الأعمال. فقد تسارعت في السنتين الماضيتين الاتجاهات في العمل نحو التكنولوجيا، كما نشأت منهجيات جديدة لتطوير الوظائف. 
إن التاريخ الإنساني على مدى القرون يتلخص في تحولات القوة والموارد الناشئة عن المعرفة والتكنولوجيا، ثم إعادة تنظيم الأعمال والأسواق والمجتمعات وفق معطيات وممكنات الموارد والتكنولوجيا التي أمكن الحصول عليها أو تطويرها، وفي ذلك يحلّ الجديد محل القديم، والعالم مشغول اليوم بتأثير الثورة الصناعية الرابعة على العمل، وقد أنشأت جائحة كوفيد-19 تعقيدات إضافية، ثم حل هذا الركود العالمي مضيفاً اضطرابات وآفاقاً بل وفلسفة جديدة للتنظيم الاجتماعي والسياسي، وليس مبالغة القول إن مراجعات استراتيجية شاملة تجري في كل قطاع وفي كل مكان من العالم.
وبالطبع كما هو شأن كل التحولات الكبرى فإن التحول الراهن محفوف بالآمال والمحاذير معاً، إذ ليس ثمة وعود إيجابية خالصة من غير آثار جانبية واحتمالات الفشل، وهناك حالة يجب النظر فيها طويلاً، وهي الارتباك والتداخل الناشئين عن حلول التكنولوجيا الجديدة ثم تفاعلها مع الجائحة والركود، وحسب تقرير دافوس 2020 فإن وظائف جديدة تظهر ويزيد الطلب عليها، وفي الوقت نفسه تجري عمليات واسعة وربما متسرعة في أتمتة الأعمال والوظائف، ويمكن ملاحظة ما يحدث اليوم في إدارة وتنظيم الخدمات البنكية، حيث يواجه العملاء تحديات في الإدارة الذاتية للخدمات التي تقدمها البنوك، كما أنها عمليات وإجراءات معقدة وغير مكتملة أيضاً. 
وقد انتقل بسبب محددات المساحة المتاحة إلى ما عرضه التقرير عن أعمال صاعدة وأخرى منسحبة، فقد ذكر التقرير القطاعات والوظائف التالية باعتبارها موضع طلب متزايد: تحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي، وإدارة وتحليل البيانات الضخمة، والتسويق الرقمي، وأتمتة العمليات، وتطوير الأعمال والتحولات الرقمية، وأمن المعلومات، وتطوير البرامج والتطبيقات، وإنترنت الأشياء، وإدارة المشاريع الناشئة والجديدة، وخدمات الأعمال، وقواعد البيانات والشبكات، والروبوتات، وتحليل الاستراتيجيات والنظم، والتكنولوجيا المالية، وإصلاح وصيانة الآلات الجديدة، وإدارة المخاطر. 
وفي المقابل يُتوقع أن تنحسر مجموعة من الأعمال والقطاعات القائمة، مثل الأعمال الكتابية وإدخال البيانات، والموارد البشرية، والإدارة التنفيذية، وأعمال المحاسبة ومسك الدفاتر والرواتب وتدقيق الحسابات، وعمليات التجميع في المصانع، وخدمة العملاء والعلاقات العامة، وصيانة وإصلاح كثير من الآلات التقليدية (حتى التي سوف تستمر في العمل)، وإدارة وتنظيم المخازن، والتحليل المالي، والخدمات البريدية، ومندوبي المبيعات، وكثير من أعمال البنوك والصرافة، والبيع المباشر والباعة المتجولين، وكثير من الأعمال والدورات التدريبية.