في يوم ضبابي جميل قضيت أوقات ممتعة عند بحيرة الوثبة غير بعيد عن محمية تحمل اسم منطقة لها معي ذكريات جميلة، أتردد عليها منذ نحو أربعة عقود لزيارة أقارب وأرحام عندما كانت مجرد بيوت شعبية متناثرة وسط تلك الكثبان الرملية في أطراف العاصمة أبوظبي في الطريق إلى «دار الزين» مدينة العين، وعلى الجانب الآخر، منها بيوت لمنسوبي قواتنا المسلحة تحمل اليوم اسم مدينة النهضة العسكرية.
 المحمية حظيت باهتمام خاص من الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أصدر توجيهاته بإعلان محمية الوثبة للأراضي الرطبة محمية طبيعية. وسجلت أول عملية تكاثر ناجحة لطيور الفلامينغو في عام 1998. وتعد الموقع الوحيد في شبه الجزيرة العربية الذي تتكاثر فيه هذه الفصيلة من الطيور بانتظام. 
 في أبريل 2013 جرى الاعتراف بمحمية الوثبة للأراضي الرطبة كأحد مواقع «رامسار»، لتصبح أول موقع في إمارة أبوظبي ينضم إلى تلك المواقع. كما جرى إدراجها ضمن القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، البرنامج الذي «يحدد المناطق المحمية، التي تتم إدارتها بشكل فعال، وذات تأثير إيجابي في الناس والطبيعة، وإدراكاً لأهمية هذا الموقع».
 موقع بحيرة الوثبة ومع هذه الأجواء الشتوية الجميلة يحظى بإقبال من العائلات عشاق الطبيعة ممن يتوافدون عليها منذ الساعات الأولى للصباح، يستمتعون بمشاهدة الطيور وهي تبكر بنشاط بحثاً عن أرزاقها. وهناك تلمس الجهود الكبيرة لعدد من الجهات المختصة، وهي تعمل من أجل راحة القادمين لها وجعل أوقاتهم فيها مريحة ممتعة، وفي مقدمة تلك الجهات هيئة البيئة وشرطة أبوظبي التي تجوب دورياتها المكان على مدار الساعة تبث في النفوس الراحة والطمأنينة، وكذلك عمال«تدوير» الذين يمشطون المنطقة أولاً بأول في جهد ملموس ومحسوس لتظل نظيفة جميلة، ولا يطلبون من مرتاديها سوى شيء من التعاون للمحافظة على نظافة المكان ليستمتعوا به وغيرهم من القادمين إليه.
سلوكيات وممارسات البعض لا تنم عن أدنى تقدير وشعور بالمسؤولية تجاه المكان، وهم يتركون أطفالهم ينثرون العبث في الرمال النظيفة والبحيرة الجميلة، وبعد ذلك لا يكترثون حتى في نقل مخلفاتهم للأماكن المخصص لها. ممارسات تنم عن قلة وعي بأهمية المكان وضرورة المحافظة عليه لأنه ملك الجميع وللجميع، وكل الشكر لكل من عمل على أن يبقي جميلاً ونظيفاً، ودمتم سالمين.