كان لبعض الأخوة القراء رأي فيما كتبت من خلال هذه الزاوية عن ضعف إدارات حماية المستهلك لدينا، وعدم قدرتها على الإلمام التام والمتابعة الشاملة لما يجري في الأسواق، لأسباب عدة، منها حيوية السوق وتنوعها، وتنوع مصادر البضائع والسلع فيها، وكذلك تداخل وتضارب الاختصاصات بين الجهات المعنية بقضايا الأسواق وما فيها. خاصة مع توسع تلك الجهات في الاعتماد على المنصات الرقمية، لدرجة أن بعض البلديات ابتكرت أساليب وطرقاً خاصة بها للتخفيف من الأعباء على مفتشيها، واعتماد أسلوب الرقابة الذاتية للمنشآت، وترى أنها حققت فتحاً مبيناً. كما اعتمدت جهات أخرى وبنسبة كبيرة على ما تعتبره «الخط الساخن» لتلقي أية شكاوى أو ملاحظات من المستهلكين.
 وقد كان لهذا الوضع جانب إيجابي لجهة إسهامه في تعزيز وعي ويقظة المستهلك ذاتياً الذي أصبح يعتمد على نفسه وعلى دراية تامة بتمييز ما يعرض أمامه من بضائع، والحرص على اختيار أفضلها بعيداً عن أساليب «ثعالب المبيعات» الذين لا هدف لهم سوى رفع مبيعاتهم والتنصل بعد ذلك من مسؤولياتهم تجاه المشتري، خاصة عندما يتعلق الأمر بخدمات ما بعد البيع.
أصبح المستهلك يقارن بين ما يجري في أسواقنا والأسواق الخارجية من خلال تداول الأخبار الواردة من هناك عبر مواقع التواصل الاجتماعي و«جروبات الواتساب»، ولعل أحدث مثال أمامنا ما ذكر عن فرض «الهيئة الإيطالية المسؤولة عن شؤون التنافسية» الأسبوع الماضي غرامة تقدر بعشرة ملايين يورو بحق شركة عالمية لإنتاج الهواتف الذكية على خلفية تقديمها «ادعاءات تجارية مضللة بشأن مقاومة طرازات عدة من هواتفها للمياه». 
كما انتقدت الهيئة الإيطالية رفض الشركة تقديم خدمات ما بعد البيع ضمن الكفالة الخاصة بهذه الطرازات من الهواتف لدى تضررها بسبب دخول مواد سائلة إليها، معتبرة أنها «ممارسة تجارية عدائية». وإضافة إلى غرامة العشرة ملايين يورو، جرى إلزام الشركة نشر جزء من القرار على موقعها الرسمي.
 تتوافر ذات الهواتف الذكية وطرازاتها في أسواقنا ولكن عند أبسط خلل أو ظهور عيوب تصنيعية، يجد المستهلك نفسه وحيداً، يتنقل من محل البيع إلى ما يسمى بالوكيل المعتمد في رحلات مكوكية يختمها بشراء جهاز جديد ليريح نفسه من معاناة لم تكن في وارد حساباته عندما أقبل على هذا المنتج اعتماداً على السمعة والشهرة الواسعة التي يتمتع بها، وكان الله في العون.