تذهب بعيداً، تأتي قريباً، في المحيط تملؤك الدهشة، حيث تطفو على سطح المحيط أجنحة النوارس، وأشجار القرم التي طوقت المكان بوريقات هفهفت مع نسيم البحر، فأضحت كأنها فراشات تغازل نحلات العذوبة.
ولما تغذ السير باتجاه تلك الشاهقات السامقات، الباسقات، المزملات بروعة المشهد، وأناقة المنظر، تلك هي المشاريع العملاقة على بحر ياس كأنها العناقيد، كأنها القلائد تفيض بجمال، وسؤال وجودي يخفق به الفؤاد، وهو أن ياس الجزيرة، أصبحت اليوم محفلاً كونياً تؤمه الوجوه من كل مكان، وهي تحمل في داخلها دهشة المكان الذي تحول إلى أيقونة الزمان، وصار الموعد مع منجزات أخرى، هي أقرب إلى الواقع، كقرب الرمش من العين، لأن الإرادة حزمت أمرها، واتجهت صوب ما يمكن أن يسعد الإنسان، ويحول الوطن إلى لوحة تشكيلية، تحيطها سيمفونية عالمية، وتتوهج بين أضلعها أنوار البهجة، وروح الإنسان الإماراتي المنبعثة من سجايا الصحراء، قيم الغافة النبيلة، وأخلاق النخلة العصية على التبذير.
ياس اليوم، وبعد عام من هذا اليوم، سوف تصبح حلم طفولة زاهية بمشاريع تشع بريقاً أنيقاً، سوف تعمها المرافق الترفيهية العالمية، وترسم المرافق الحالية صورة المشهد المتطور والذاهب إلى العلا بعزيمة العقول المتفتحة على الوجود، كما هي الحقول المنعمة بالزهر، والثمر، والفنادق الفاخرة التي تتربع على بساط يانع، يفيض بروعة الفن المعماري، ومهارة العقل في صياغته لكل ما يذهب الكدر، ويسقط على النفس ما يحيي مشاعر الفرح، ويهدهدها ويداعبها، ويملؤها بكل ما تحتاجه النفس من كسوة العواطف الأصيلة.
ما يحدث على أرض الواقع يجعل الناظر إلى هذه المثل السياحية، يراها كأنها النجوم ترسم أحلامها في عيون الناس، وترتب مشاعرها على صدور العشاق، وتسكب بريقها في الوجود لتدلل على أن الإمارات هي إلياذة التاريخ الحديث، وأنها أوديسة هوميروس تجلب رونقها من خلابة المكان على أرض ياس.
منذ زمن والإنسانية تحلم وتفكر في الوصول إلى حلم يلامس شغاف الواقع، وها هي ياس اليوم، تخيط قماشة حلمها بأنامل من عقدوا العزم على مواكبة الأقمار في هيبتها، وهامتها، وقامتها، وقيمها، وشيمها، ونخوتها، وصبواتها، ولا يوقف النهر في الذهاب إلى الأشجار ريح، ولا تباريح، إنه الحلم تعززه قوة الإرادة، وتدعم خطواته أسمى المشاعر، وهي الحب.
بالحب تضيء غرف الكون، وبالحب نعمر الأرض، وبالحب نحيا، ويفنى كل مناهض للحب، وعدو للحياة.