يعتقد البعض أن سر نجاح الإمارات يكمن في الثروات الطبيعية التي منَّ بها الله علينا، وهي بلا شك نعمة تستحق منا الحمد والثناء، بيد أن مثل هذه الثروات وأكثر منها موجودة عند غيرنا، لكنهم يعيشون في ضيق من العيش وحرمان من الأمن، ويزعم البعض أن سر نهضة الإمارات يتلخص في موقعها الجغرافي، لكن موقع غيرنا من الدول أفضل منا. ويرى غيرهم أن ما يميز الإمارات قلة عدد سكانها من المواطنين، وهذا أمر مردود عليه، ففي الإمارات اليوم يعيش أكثر من عشرة ملايين نسمة يمثلون جل دول العالم، من يريد معرفة أسرار نجاح الإمارات عليه أن يتقرب أكثر من قيادتها وشعبها، وهنا مكمن التميز.
فمنذ أن أُسست الدولة منّ الله عليها بقيادة صادقة في نيتها وعزمها، قريبة جداً من شعبها. وما زالت قيادة الإمارات تنحو مسار من سبق من الآباء المؤسسين، فمجالس حكام الإمارات ما زالت مشرعة أبوابها لأهل الدار وغيرهم، وتستطيع اللقاء بمن هم في أعلى سلم القيادة بكل بساطة، تجدهم مع رعيتهم في السراء، ويشاركونهم أحزانهم عند البلاء، قيادة روحها إيجابية، وعقليتها غير تقليدية، لذلك أبدعت وأنجزت على أرض الواقع أكثر مما وعدت، وهنا سر الاختلاف مع غيرهم من القيادات الذين جعلوا إنجازاتهم في خطاباتهم وأجمل أمنياتهم خطت في استراتيجيات لا يرى منها أهل بلدهم إلا ما تتباهى به أجهزة الإعلام عندهم لكن الواقع يكذب كل تصريحاتهم، أفشل قيادة هي التي يمجدها الإعلام ويكذبها الواقع اليومي للإنسان.
السر الآخر لنجاح الإمارات يتلخص في ولاء أهل الإمارات لوطنهم وقيادتهم، الإماراتي بطبيعته إنسان مسالم، سمح في التعامل مع غيره، وهذه شهادة نعتز بها نحن أهل الإمارات لا نزكي بها أنفسنا، بيد أن كل من تعامل معنا يشهد لنا بها، الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة عندما يكون الوطن وقيادته على المحك، فهناك ستجد أن أرخص ما يقدمه الإنسان لوطنه يتمثل في روحه، فالوطن وقيادته لدينا خطوط حمراء لا يسمح لأحد بتجاوزها، إن لبنات الوطن مرصوصة عجز المتآمرون عن اختراقها لأن «البيت متوحد»، وحصن الاتحاد لا يجرؤ أحد على اختبار صلابته، وقد شهد التاريخ المعاصر بهذا فعندما سادت المنطقة فوضى ما يعرف بـ«الربيع العربي» كانت الإمارات في منأى من ذلك الهرج والمرج.
يهل علينا الثاني من ديسمبر كل عام لنجدد خلاله الولاء لقيادة الوطن، التي نجحت في الإبحار بسفينة الاتحاد نحو مرافئ العز والسلام، رغم الأمواج الإقليمية المتراكمة كظلمات بعضها فوق بعض لا يكاد يجاوز الإنسان محنة الا وأدركته أزمة، ومع كل هذه التحديات الاقتصادية والصحية والسياسية ما زال الوطن ينعم بالأمن والأمان ويسجل أجمل الأحلام في صحاف الواقع الذي لا يعرف غيرنا منه إلا التخبط والفشل، حتى باتت الإمارات منارة يهتدي بها من ضل به الطريق نحو المستقبل، وأضحى حلم كل عربي أن يرى نموذج الإمارات التنموي تتبناه بلاده وتحاكيه قيادة وطنه.

*أكاديمي إماراتي