في لحظات مفصلية من تاريخ الأمم والشعوب، يظهر رجال يصنعون التاريخ ويعيدون تشكيل الجغرافيا ليبنوا وطناً يليق ببلادهم وشعبهم بين الدول والأمم. في مقدمة القادة العظام الذين خلدهم التاريخ، يبرز اسم الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي استطاع بحكمته وحنكته مع إخوانه المؤسسين، رحمهم الله، أن يصنع فجر ذلك اليوم التاريخي منذ 49 عاماً خلت، وتحقيق حلم لطالما خفق بين الأضلع في بناء دولة موحدة يستظل مواطنوها تحت راية واحدة، تغادر سنوات العزلة والتشتت والفرقة والحرمان، وأبدعوا في بناء تجربة اتحادية ملهمة لوطن تصدر كل المؤشرات العالمية لسعادة الإنسان والإنسانية، وبما يقدمه للإنسان أينما كان، دون تمييز للون أو عرق أو معتقد، وهو نهج شاد به زايد صروح الإمارات، لتمضي شامخة في المسار الذي أراده لها.
في تلك البدايات الصعبة لولادة الدولة، في اليوم الذي نحتفل بذكراه التاسعة والأربعين، كانت إرادة زايد وإخوانه وعزيمتهم الصادقة في البذل والعطاء لبناء الوطن، والارتقاء بالمواطن تتحدى كل الصعاب، وتتجاوز العقبات بيقين ثابت بأن «لا شيء مستحيل». لعل أبلغ وصف لمشاهد تلك الأيام الصعبة ما قاله صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة «كان الناس كالأغنام في الليلة الماطرة، وافترقت الفئات، وتنابزت بالألقاب، وتداعت علينا الأمم، وإذا بنجم يلوح بالأفق من هذه الأرض، نجم لاح على صفحات الماء، كان ذلك زايد بن سلطان آل نهيان، وإذا بالرجل وبهمة الرجال يسرع الخطى ويجترح المسافات، يؤمن الخائف، ويعلم الجاهل، ويكوّن أمة. أقول إنه صهو الأمة. وإذا به ينقل هذه الدولة الفتية، في مقدمة دول العالم، يرتقي بها يوماً بعد يوم، وتكتسب من خلال سياسته الحكيمة كل وفاء وكل محبة من جميع الدول». 
وها نحن نشهد ونلمس ثمار تلك الإرادة والإدارة شواهد من المنجزات والإنجازات والمكاسب والمكتسبات تطرز جيد الوطن، وتسمو وتشمخ بالمواطن، روح جعلت من الإمارات مكاناً تهفو له القلوب والأفئدة، وموئلاً يحتضن ملايين البشر يعيشون ويعملون في وطن التسامح والتعايش. وواصلت قيادتنا الرشيدة النهج ذاته، لنجد أنفسنا اليوم ونحن نستعد لاستقبال الخمسين القادمة على أعتاب المريخ بعقول وسواعد إماراتية في أبلغ صور الاستثمار في الإنسان. حفظ الله الإمارات «دوم شامخ عَلَمها».