ارتبط المنهج في الغرب بمنطق اليونان بحيث لم يعد هناك فرق بين المنهج والمنطق. المنطق هو منهج الفلسفة لما كانت الفلسفة هي علم البرهان. ولما كان الغالب على منطق اليونان منطق القضايا الذي يقوم في معظمه على الشكل وليس على المضمون، كان مقياس الحقيقة فيه اتساق النتائج مع المقدمات. يكون العلم صحيحاً ما دامت أشكال الفكر فيه صحيحة. وقد لخص المسلمون ذلك في قولهم: «المنطق إما تصور أو تصديق. والتصور يُنال بالحد، والتصديق يُنال بالبرهان». أما الاستقراء فكان هامشياً في المنطق رغم الاتجاه الطبيعي التجريبي عند أرسطو.
وكان المنطق نوعين، كما لخص المسلمون، منطق اليقين (المقولات، والعبارة، والقياس، والبرهان)، ومنطق الظن (الجدل، والسفسطة، والخطابة، والشعر). كان الفلاسفة يستعملون منطق اليقين، فيما كان السوفسطائيون والخطباء والشعراء يستعملون منطق الظن. ولم تكن هناك غلبة لأحد المنطقين على الآخر. وكانت ممارسة التفلسف والكلام سابقة على تطبيق قواعد المنطق. وكانت هذه القواعد مجرد تجريد للتفكير وللكلام بالفعل. فلما جاء عصر آباء الكنيسة في القرون الخمسة الأولى، كان منطق الظن هو السائد على منطق البرهان. فقد كان آباء الكنيسة الأوائل في معظمهم خطباء. وكانت الخطابة أحد وسائل الدفاع عن الدين عند المحامين والوعاظ الآباء. كانت أساليب البلاغة وطرق البيان أسرع في الإقناع، وأقوى في الإيحاء، وأقرب إلى الثقافة الشعبية وإيمان العوام. وقد قوى ذلك اعتماد عصر الآباء على أفلاطون الذي تسود فلسفته الأسطورة والشعر وفنون الأدب والبلاغة. وفي العصر الوسيط المتقدم (من القرن التاسع حتى القرن الحادي عشر) أو المتأخر (من القرن الثاني عشر حتى الرابع عشر) تحول المنطق من منطق الظن إلى منطق البرهان، ومن الجدل والسفسطة والخطابة والشعر إلى المقولات والعبارة والقياس والبرهان. فقد تحول الاختيار من أفلاطون إلى أرسطو بعد أن اكتشفه بويتيوس في نهاية العصر الكلاسيكي، وقام بشرحه وتقديمه للناس. وكان لترجمة الفلسفة الإسلامية أثر كبير في هذا التحول من الخطابة إلى البرهان، ومن الإقناع إلى الاستدلال. 
سادت العصر الوسيط الفنون الحرة السبعة: الثلاثي (المنطق والنحو والبلاغة)، والرباعي (الحساب والهندسة والموسيقى والفلك). وفي الثلاثي ساد المنطق على النحو والبلاغة، وفي الرباعي ساد نظام العقل تحت تأثير علماء المسلمين. كان المنهج هو التلقين والتعليم من أجل إعطاء ثقافة العصر. ثم بعد ذلك يبدأ الجدل دفاعاً عن العقيدة والنقاش بين الخصوم كما هو الحال في جدل المتكلمين.
وأضاف العصر الوسيط على المنهج الاستدلالي القديم منهج التأويل كما بدأ في نظرية المعاني الأربعة للنص الديني: المعنى الحرفي، والمعنى المجازي، والمعنى الأخلاقي، والمعنى الروحي. لقد أصبح المنهج في مواجهة النص المقدس، ونشأ الصراع بين أنصار المعنى الحرفي من ناحية وأنصار المعاني المجازية والأخلاقية والروحية من ناحية أخرى، كما هو الحال بين الأشاعرة والمعتزلة أو بين المتكلمين والفلاسفة، دفاعاً عن اللفظ حتى ولو أدى ذلك إلى التشبيه أو دفاعاً عن المعنى حيث يؤدي ذلك إلى التنزيه.
وفي العصور الحديثة بدأ المنهج في الظهور بعد القطيعة المعرفية بين الماضي والحاضر، ورفض المصادر القبْلية للمعرفة، وبدأ العقل يواجه نفسه: ما مقياس الصدق؟ ويواجه الطبيعة: ما مقياس التحقق؟ وبدأ الوعي الأوروبي يضع نفسه منهجياً على نحو ثنائي: منهج عقلي ومنهج تجريبي. الأول مستنبط من الرياضيات والثاني مستقى من العلوم الطبيعية. أسس الأول ديكارت، والثاني بيكون.

*أستاذ الفلسفة -جامعة القاهرة