في مسيرة الإنسان، ومنذ فجر البشرية كانت الحرية، هي الغاية القصوى التي يحتاجها الإنسان لتقود مسارات حياته وتنير طرقات طموحه ومسعاه، بوصفها سمواً يرتقي به الإنسان نحو اكتماله وخلوده وتفتح طاقات إبداعه وابتكار طرائق تقدمه. وهي فضاؤه في بحثه الدؤوب لاكتشاف أسرار النفس والكون والوجود. وهذا ما أنجزته الإمارات عبر تسعة وأربعين عاماً، حافلة بكل وسائل التقدم والتطور وإحقاق الحق، لكل إنسان حظاه الله بالعيش على أرضها. 
الإمارات والحرية هما وجه حقيقة واحدة. فقد أبدع المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، معنى للحرية كمرادف لجوهر روحه، وفكره المستنير. لأنه أدرك أن الإنسان إذا عاش مقيداً، فإنه يستشعر العجز والقهر، والإحساس بالظلم. كما أدرك أن لقمة العيش أو كنوز الأرض لا تكفي بديلاً عن الحرية، لأن الحرية هي وطن الإنسان في كل زمان ومكان، لأنها شرط الكرامة وعزة النفس والقوة. أن تكون إنساناً حراً في وطن حر معناه أن تبدع وتبتكر وتتطور وتتقدم وتبني وتؤسس وتبدل واقعاً بواقع، وتصبح نموذجاً في الرقي والتحضر، وتزدهر كإنسان سعيد في وطن ومجتمع سعيدين.. من دون شرط الحرية لا يمكن للمجتمعات أن تبدع تاريخاً حضارياً وقوة ازدهار في مصاف الأمم المتحضرة. من دون شرط الحرية لا يمكن لطفل أن ينمو بصحة نفسية وعقلية وجسمية. ولا يمكن للمفكر أن يبدع فنه وفلسفته وأدبه. من دون شرط الحرية كل إنسان غريب حتى في وطنه! 
الحرية في معناها العميق تعني الإنسانية بما هي أخلاق كريمة وقيم نبيلة وشعور عميق بالمحبة والاحترام لكل كائن إنساني أياً كان منشؤه ومنبته وجذوره. لأن الحرية تعني حق المساواة بين البشر جميعهم، وتعني الحق في الحياة الحرة الكريمة. وبقدر ما أن البشر متشابهون في صفاتهم البيولوجية فإنهم مختلفون في الوقت ذاته، في صفاتهم النفسية وأنشطتهم الفكرية وثقافتهم. وبسبب هذا الاختلاف تتقدم المجتمعات. الحرية مبدأ الإمارات وركيزتها، وتجليها! ففي غياب الحرية يعجز الإنسان عن تغيير مسار حياته وشروط عيشه، كما يعجز عن البحث والابتكار. وفي غيابها يصبح الإنسان ضعيفاً وعاجزاً ومستغلاً. وتصبح المجتمعات متخلفة وضعيفة، ومطمعاً، وعرضة للاضطرابات والعنف. 
لقد منّ الله علينا نحن البشر الذين ولدنا أحراراً أن نبقى أحراراً في هذا الوطن الذي جعل من الحرية سماءً وأرضاً، ومن حريتنا فيها مبدأ وغاية!