سيكون موسم الأعياد هذا العام مؤلماً في الكثير من الأسر، حيث سيكون هناك عدد أقل من الناس يتعانقون ويتبادلون الهدايا. غير أنك إذا كنت تشعر بأن الأعياد «أُلغيت» وتجد صعوبة في إيجاد أمل ومعنى هذا الموسم، فلدي بعض الأخبار المبهجة لك!
في مثل هذا الوقت من كل سنة، جرت العادة أن أقدّم دليل أعياد يقترح «هدايا ذات معنى» بدلاً من هدايا تقليدية مثل وشاح إضافي أو ربطة عنق إضافية ستبقى في أسفل الدرج. وهذا العام، أوصي بالتبرع لمنظمات يمكنها أن تساعدك على تغير حيوات بعض الأشخاص – وأراهن على أن قريبتك ستؤْثر هدية باسمها على أن تتلقى مزيداً من العطور. 
أحد القراء تعهد بالتبرع بمليون دولار بحيث تتلقى المنظمة الخيرية الأولى في هذا الدليل 100 ألف دولار كل سنة على مدى عشر سنوات. كما سيمنح قارئان آخران 50 ألف دولار مرة أخرى هذا العام لتقسّم على المنظمتين الأوليين. ولا شك أن قراء آخرين سيساهمون بأكثر من ذلك (العام الماضي تبرع القراء بـ 3 ملايين دولار). ويمكنكم التبرع بسهولة عبر موقع كريستوف لهدايا الأعياد على الإنترنت، وإليكم فكرة عما ستحققونه. 
تعليم فتاة: الفائز بالجائزة الكبرى هي منظمة «كامفد» (تسمى في الأصل «حملة تعليم الفتيات»)، التي تساعد الفتيات في البلدان الأفريقية على الحصول على تعليم. إحدى أحسن الصفقات في العالم هي فرصة مساعدة فتاة على الذهاب إلى المدرسة في بلد مثل غانا أو مالاوي أو زيمبابوي، عام في المدرسة الثانوية يكلّف 150 دولاراً، وفي المدرسة الابتدائية حوالي 30 دولاراً. 
ولفهم مدى قدرة التعليم على تغيير حياة الأشخاص، لنتأمل مثال فتاة زيمبابوية لامعة اسمها أنجيلين. كان الأطفال الآخرون يسخرون من أنجيلين لأنها تذهب إلى المدرسة حافية القدمين وترتدي فستاناً ممزقاً. 
وكان المسؤولون ينادون على اسمها في التجمعات المدرسية عندما كانت عائلتها تتأخر في دفع الرسوم المدرسية. وتتذكر ذاك المشهد قائلة: «لقد كان إذلالاً ما بعده إذلال!». غير أن ما كانت تفتقر إليه أنجيلين في الإمكانيات والملابس، كانت تعوّضه في القوة الذهنية التي حباها بها الله: ففي امتحانات الصف السابع الوطنية، جاءت في المرتبة الأولى على صعيد منطقتها التعليمية، وحصلت على واحد من أفضل المعدلات في البلاد كلها. 
غير أنها لم تكن تستطيع تحمل تكلفة المدرسة الثانوية، إلى أن منحتها منظمة «كامفد» منحة دراسية، لتحقق «أنجيلين» بعد ذلك نتائج استثنائية. اليوم، «أنجلين موريميروا»، البالغة أربعين عاماً، هي المديرة التنفيذية لبرامج «كامفد» في أفريقيا، حيث تساعد 123 ألف فتاة في السنة على الحصول على تعليم. 
لقد تتبعتُ «كامفد» منذ أكثر من اثني عشر عاماً، وأحد الأسباب التي جعلتني أختارها فائزة بالجائزة الكبرى هو أنها أشبه بآلة دائمة الحركة. بعض خريجي «كامفد» الـ157 ألفاً يردّون الجميل عبر تأطير الفتيات ودفع رسومهن الدراسية (كل خريج يدعم مالياً خمسة طلاب في المتوسط). بل إن خريجي «كامفد» يدعمون طلبة أكثر من «كامفد» نفسها، في ما يشبه حلقة مفرغة تكبر مع الوقت. 
والواقع أن دعم التعليم مهم بشكل خاص هذا العام لأن وباء كورونا أجبر ملايين الفتيات على الانقطاع عن الدراسة، كما تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الوباء قد يدفع 13 مليون فتاة إلى زواج في سن مبكرة. فمن منا لا يفضل منح طفلة تعليماً على وضع هدية أخرى إضافية تحت شجرة عيد الميلاد؟
إعادة البصر لشخص: الفائز بالجائزة النهائية هو «مشروع الهيمالايا لمرض المياه البيضاء»«، المعروف أيضاً بـ«معالجة العمى»، الذي يحارب العمى في آسيا وأفريقيا. وهذه أيضاً صفقة ممتازة: ذلك أن الجراحة يمكن أن تكلّف 25 دولاراً فقط للشخص، أو 50 دولاراً لكلا العينين. 
«مشروع الهيمالايا لمرض المياه البيضاء» أسّسه الدكتور سندوك روت، وهو طبيب عيون نيبالي طوّر تقنية جراحة دقيقة لمعالجة المياه البيضاء (الطريقة النيبالية)، والدكتور جيف تابن من كلية الطب التابعة لجامعة ستانفورد. وقد سافرتُ إلى بلدة هيتودا في النيبال لرؤية الأطباء وهم يجرون العمليات الجراحية، فسُررت غاية السرور لما رأيت.
فبعد سنوات من العمى، كانت «تولي مايا ثينغ»، وهي امرأة تبلغ 50 عاماً، من بين من اصطفوا في الطابور منتظرين دورهم للاستفادة من هذه العمليات. قالت لي: «لا أستطيع جمع الحطب أو إحضار الماء»، مضيفة «كنت أسقط كثيراً وأصبت بحروق بسبب النار». بعد يوم على العملية الجراحية، كنتُ حاضراً عندما أزيلت الضمادات من على عينيها. وقفت وعيناها ترمشان، ثم ابتسمت وهي ترى محيطها لأول مرة منذ سنوات. اختبر الأطباء بصرها فوجدوا 20/20.
قالت لي: «في الماضي أزحف لكي أتنقل. أما الآن، فأستطيع الوقوف والمشي». 
لقد سبق لي رؤية الكثير من التدخلات الإنسانية عبر أنحاء العالم، وأكاد أجزم أنه لا يوجد شيء بمثل رخص جراحة المياه البيضاء وسرعتها وتأثيرها. إنها أشبه بمعجزة لأن الأعمى يستطيع الإبصار من جديد – واستعادة حياته. 
عندما بدأتُ إعداد دليل العطاء هذا لأول مرة في 2009، أثارت الفكرة التعجب والاستغراب. وتساءلتُ وزملائي ما إن كان من اللائق أن يقدّم صحفي مثل هذه التوصيات؟ غير أن الاقتراحات سدّت فراغا ولبّت حاجة بينة. فالكثير من القراء يرغبون في أن يكونوا أكثر كرماً وعطاء ولكنهم لا يعرفون لمن يستطيعون أن يتبرعوا، في وقت توجد فيه منظمات خيرية عديدة تتوق إلى الدعم من أجل تغيير حيوات كثيرة. 
وعليه، ها أنا ذا من جديد أقوم بدور «الخطّابة»، في وقت يجعل فيه الوباء الاحتياجات أكثر إلحاحاً، وآمل أن تجلب لك فرصة مساعدة الآخرين بعض الشعور ببهجة العيد.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»