في الثالث والعشرين من نوفمبر، وبعد مرور ستة عشر يوماً على الإعلان عن فوز جو بايدن الواضح في الانتخابات الرئاسية الأميركية، قرر الرئيس دونالد ترامب أخيراً، ولكن على مضض، إعطاء موافقته على حصول فريق بايدن الانتقالي على إمكانية الدخول بشكل رسمي إلى الوكالات الأميركية من أجل التحضير لإدارة جديدة. ترامب ما زال يرفض الاعتراف رسمياً بالهزيمة في الانتخابات على الرغم من فشل كل جهوده القانونية من أجل تغيير نتيجة التصويت. وإدارته التي تعيش أسابيعها الأخيرة (إدارة «البطة العرجاء») مستمرة في إصدار أوامر تنفيذية جديدة لكي تصعّب على بايدن تغيير الكثير من التدابير المناوئة للتقنين التي اتُّخذت خلال الأربع سنوات الماضية بهدف إلغاء قوانين وإجراءات اتخذها باراك أوباما. غير أنه على الرغم من هذه الأعمال «الاستفزازية»، فإن ترامب لن يبقى رئيساً للولايات المتحدة بعد العشرين من يناير 2021. 
بايدن لم يضيّع وقتاً للإعلان عن بعض الأشخاص المحوريين الذين يريدهم أن يكونوا جزءاً من فريقه الجديد. ويعكس اختياره حتى الآن أربع صفات: أولا، جميع هؤلاء الأشخاص مهنيون مخضرمون سبق لهم أن عملوا في أعلى مستويات الحكومة الأميركية. ثانياً، جميعهم وسطيون، وبالتالي فمن غير المحتمل أن يثيروا مشاكل كبيرة عندما يواجهوا جلسات التثبيت في المنصب أمام مجلس الشيوخ الذي ما زال يخضع لسيطرة «الجمهوريين». ثالثاً، كلهم يؤمنون بضرورة التعاون بين الدول وسيعملون مع حلفاء الولايات المتحدة التقليديين بشكل وثيق من أجل إعادة بناء العلاقات الوثيقة التي تضررت بشكل بالغ جراء أعمال ترامب. رابعاً، إنهم يمثّلون التنوع الإثني والنوعي الذي وعد به بايدن خلال الحملة الانتخابية. 
والأكثر ظهوراً من بين هذه المجموعة سيكون أنثوني بلينكن وزير الخارجية المعين، وجانيت يلن التي اختيرت لتكون وزيرة الخزانة. فـ«بلينكن» (58 عاماً) سبق له أن عمل مع بايدن لأكثر من عشرين عاماً وكان نائباً لوزير الخارجية خلال إدارة أوباما. وستكون مهمتاه الفوريتان حالياً إعادة رفع الروح المعنوية لوزارة الخارجية التي كانت في حالة صدمة بعد فترتي الوزير السابق ريكس تيلرسون والوزير الحالي مايك بومبيو، والقيام باتصال مبكر مع نظرائه في أوروبا وآسيا من أجل طمأنتهم إلى أن أحد الأهداف المركزية للإدارة الجديدة هو سياسة خارجية أميركية جديدة قائمة على قدر أكبر من التعاون. أما «يلن» (74 عاماً) فتواجه المهمة الصعبة المتمثلة في إدارة اقتصاد أميركي تضرر بشكل كبير جراء وباء كوفيد-19. والواقع أنها مستعدة للمهمة بشكل جيد، فقد كانت تشغل منصب رئيسة «الاحتياطي الفدرالي» في عهد إدارة أوباما.
وقد اختير وزير الخارجية السابق جون كيري ليكون «المكلف بشؤون المناخ»، وهو تعيين بمستوى وزير في الحكومة، وسيكون لديه مقعد في مجلس الأمن القومي. وكان كيري من أشد المدافعين عن ضرورة النظر إلى تغير المناخ باعتباره تهديداً وجودياً عالمياً للكوكب. وعندما تنضم الولايات المتحدة إلى «معاهدة باريس للمناخ» من جديد حال تنصيب بايدن رئيساً، من المتوقع أن يصبح كيري نموذجاً بارزاً للتغيرات الدراماتيكية في السياسة الأميركية بشأن المناخ والحاجة إلى السعي وراء قدر أكبر من التعاون من أجل إيجاد حلول للتهديد المناخي. 
والجدير بالاهتمام أيضاً ثلاثة اختيارات جد مؤهلة وجد متنوعة لمنصب وزير الأمن الداخلي (أليخاندرو مايوركاس)، ومستشار الأمن الوطني (جايك سوليفان)، ومدير الاستخبارات الوطنية (أفريل هينز). فقد ولد مايوركاس في كوبا وعمل في إدارة أوباما نائباً لوزير الأمن الداخلي، وقد صعد إلى الواجهة باعتباره واحداً من أشد المدافعين عن حقوق المهاجرين. وسوليفان البالغ 43 عاماً فقط، عمل مع هيلاري كلينتون في وزارة الخارجية. أما هينز، النائبة السابقة لمدير وكالة الاستخبارات المركزية الـ«سي آي إيه» فستكون أول امرأة تشرف على كل وكالات الاستخبارات الأميركية. 
هذا ومن المرتقب أن يتم الإعلان عن تعيينات أخرى مهمة خلال الأيام المقبلة، تشمل منصب وزير الدفاع. غير أنه واضح من الأسماء المعلن عنها حتى الآن أن بايدن يأمل تشكيل فريق يتمتع بالخبرة الكافية من أجل مواجهة وباء كوفيد-19، ومعالجة الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها ملايين الأميركيين، وإصلاح علاقات أميركا المتضررة مع أصدقائها وحلفائها.