يقول المتفائلون (وأنا أحدهم) إن السعودية وشركاءها في مجموعة العشرين، استطاعوا من خلال نتائج قمة الرياض التي انعقدت في نهاية الأسبوع الماضي، أن يخرجوا العالم من (غيبته المؤقتة) التي تسببت بها جائحة كورونا، ويضعوه على طريق التعافي. استطاعت السعودية وشركاؤها بمختصر العبارة، أن ينقذوا العالم من أمرين كانا قاب قوسين أو أدنى من الحدوث، كساد اقتصادي طويل المدى، واختلال سياسي يهدد استقرار العالم.
لم تكن قمة الرياض كسابقاتها، لم تتمدد، بكثير من الوقت، على الأرائك الشاطئية وتشرب عصير البرتقال، بينما تفكر، بقليل من الوقت ومن نظرة علوية، في المشاكل المزمنة والمستعصية للدول الأكثر فقراً، كانت هذه القمة التاريخية بمثابة حبل نجاة، ليس للدول الفقيرة كما جرت العادة، وإنما أيضاً للدول الصناعية الكبرى!
طوال قرون، كان العالم ينفجر بشكل عنيف في مكان ما، كلما ضربت أزمة اقتصادية مساحة واسعة ومهمة من الكرة الأرضية، ما يتسبب في كوارث وهزائم كبرى للجنس البشري، ففي نهاية عشرينيات القرن الماضي على سبيل المثال، كان شعبية الحزب النازي تهوي بسرعة صاروخية بين الألمان بسبب الرفاه الاقتصادي، الذي بدأ في الانتشار في عموم ألمانيا، والذي لا يتناسب أبداً مع شعارات الحزب وعقيدته السياسية التي تقوم على استغلال التبرم وعدم الرضا وفقد الثقة بين الناس، صعود سياسي سريع في منتصف العشرينيات بسبب الكرامة المجروحة والفقر والعوز التي خلفتها الحرب العالمية الأولى في الواقع الألماني، وسقوط أسرع بسبب تعافي الاقتصاد وعودة عجلة التنمية إلى الدوران في العام 1928 والعام 1929. 
كانت كل المؤشرات تقول إن «الرايخ الثالث» إلى زوال، لكن أمراً كان يحدث ببطء وبعمق في جزء آخر من العالم، أعاد أدولف هتلر ورفاقه من جديد إلى الواجهة، فالأزمة الاقتصادية التي ضربت أميركا في العام 1929 اضطرت المؤسسات المالية والاقتصادية الأميركية إلى سحب أموالها التي تعمل في ألمانيا، ما أسهم في عودة الضائقة المالية من جديد، وبالتالي إعادة إنتاج الحزب المتطرف الذي لا ينشط إلّا في الأزمات، ولولا ضائقة أميركا وكسادها العظيم، لم يكن «الفوهرر» ولا الحرب العالمية الثانية ولا الخمسين مليون قتيل، هكذا بكل بساطة.
وأظن أن خطر فيروس كورونا على العالم لا يقل خطراً عن الكساد العظيم الذي ضرب أميركا وأنتج هتلر والحرب العالمية الثانية، كورونا كانت ستنتج أكثر من ضائقة اقتصادية وأكثر من هتلر وأكثر من حرب، لكن المخرجات الحكيمة والمسؤولة لقمة العشرين بقيادة السعودية، ومن بينها تأجيل الديون المستحقة على الدول الفقيرة حتى شهر يونيو 2021، أسهمت في أن يتنفس العالم الصعداء، ويفكر في جولة جديدة من التعافي.
انتهت القمة الاقتصادية بنجاح منقطع النظير، لكن أظن أن على الدول المعتدلة في العالم أن تضغط في اتجاه أن تكون هناك ذراع سياسية لمجموعة العشرين، تنظر في مشاكل العالم تحت سقف الأمم المتحدة، جاء الوقت لنتخفف قليلاً من حمل مجلس الأمن، أو مجلس منتصري الحرب العالمية الثانية الخمسة.