انتهت انتخابات 2020. والفائزان الكبيران كانا فيروس كورونا وتغير المناخ الكارثي.!
حسناً، الديمقراطية فازت أيضاً، على الأقل في الوقت الراهن. فبهزمه دونالد ترامب، سحبَنا جو بايدن من حافة الأزمات. 
ولكن ترامب دفع ثمناً أقل مما كان متوقعاً عن فشله القاتل في التعاطي مع كوفيد- 19؛ كما أن قلة قليلة من المرشحين «الجمهوريين» في الانتخابات المحلية يبدو أنها دفعت أي ثمن. ومثلما جاء في عنوان بصحيفة «واشنطن بوست»، فـ«مع تفشي الوباء، يقول الجمهوريون إن نتائج الانتخابات تؤكد صحة مقاربتهم».
ومقاربتهم تقوم على الإنكار، ورفض اتخاذ حتى أبسط الاحتياطات وأقلها كلفة، مثل فرض ارتداء الكمامات في الأماكن العامة. العواقب الوبائية لعدم التحلي بالمسؤولية ستكون فظيعة. ولا أدري كم من الناس يدركون إلى أي حد سيكون هذا الشتاء فظيعاً، ثم تذكر أن الكثيرين ممن يصمدون في وجه كوفيد- 19 وينجون منه، يعانون مع ذلك من ضرر صحي دائم. 
والحق أن خبر اللقاح سار جداً، ويبدو من المرجح أن نسيطر على الوباء في بحر العام المقبل. غير أننا يمكن أن نسجل مئات الآلاف من الوفيات الأميركية، التي يمكن تجنّب الكثير منها، قبل توزيع اللقاح على نطاق واسع، بيد أنه على الرغم من سوداوية المشهد في ما يخص الوباء، إلا أن ما يقلقني أكثر هو ما يقوله ردُّنا الفاشل حول احتمالات التعامل مع موضوع أكبر بكثير، موضوع يطرح تهديداً وجودياً بالنسبة للحضارة، ألا وهو تغير المناخ. 
فمثلما لاحظ الكثيرون، فإن تغير المناخ مشكلة يصعب التعاطي معها، ليس اقتصادياً وإنما سياسياً. فـ«اليمينيون» يزعمون دائماً أن من شأن أخذ تغير المناخ على محمل الجد أن يؤذي الاقتصاد، ولكن الحقيقة أن الاعتبارات الاقتصادية للعمل المناخي في هذه اللحظة، تبدو غير ضارة على نحو لافت، ذلك أن التقدم المذهل في تكنولوجيا الطاقة المتجددة يجعل من السهل جداً رؤية كيف يستطيع الاقتصاد أن يفطم نفسه عن الوقود الأحفوري، كما أن دراسة حديثة لصندوق النقد الدولي تشير إلى أن من شأن «دفعة للبنية التحتية الخضراء» أن تؤدي إلى نمو اقتصادي أسرع على مدى العقود القليلة المقبلة. 
ولكن العمل المناخي يظل صعباً جداً سياسياً، بالنظر إلى (أ) قوة المصالح الخاصة و(ب) العلاقة غير المباشرة بين الكلفة والأرباح. 
ولنتأمل، مثلاً، المشكلة التي تطرحها تسربات غاز الميثان من آبار التكسير الهيدروليكي. ففرض قوانين أفضل من أجل الحد من هذه التسربات ستكون له فوائد كبيرة جداً من دون شك، ولكن الفوائد ستكون موزعة عبر الزمان والمكان. فكيف تستطيع إقناع الناس في تكساس، مثلاً، بقبول ولو زيادة صغيرة في التكاليف الآن، في حين أن الفوائد تشمل، مثلاً، تقليصاً لاحتمالات حدوث عواصف مدمرة بعد عقد من الآن، وعلى بعد مسافة تعادل نصف الكرة الأرضية؟
هذه العلاقة غير المباشرة جعلت الكثيرين منا متشائمين بشأن مستقبل العمل المناخي. ولكن كوفيد- 19 يشير إلى أننا لم نكن متشائمين بما يكفي. 
فعلى كل حال، عواقب السلوك غير المسؤول خلال الأوبئة تكون أكثر وضوحاً وفورية بكثير من تكاليف عدم القيام بعمل من أجل المناخ. فإذا جمعت مجموعة من الأشخاص الذين لا يرتدون كمامات داخل مكان مغلق، مثلاً، فمن المحتمل أن ترى ارتفاعاً في حالات العدوى في غضون بضعة أسابيع فقط. وهذا الارتفاع سيحدث في الحي حيث تسكن، وقد يصيب أشخاصاً تعرفهم. 
ثم إن جعل الناس لا يصدّقون منكري كوفيد- 19 أسهل بكثير من جعل الناس لا يصدّقون منكري تغير المناخ: إذ كل ما عليك فعله هو الإشارة إلى المرات الكثيرة التي أكد فيها هؤلاء المنكرون خطأ أن المرض على وشك الاختفاء. 
وبالتالي، فإن جعل الناس يتصرفون بشكل مسؤول بخصوص فيروس كورونا، يفترض أن يكون أسهل بكثير من الحصول على تدابير لمكافحة تغير المناخ. غير أن ما نراه بدلاً من ذلك هو رفض واسع للاعتراف بالأخطار، واتهامات بأن ممارسات رخيصة ومعقولة مثل ارتداء الكمامات تمثّل «طغيانا»، وتهديدات عنيفة ضد المسؤولين العامين. 
وعليه، فماذا سيحدث، في اعتقادك، عندما تحاول إدارة بايدن جعل المناخ أولوية؟ إن الظرف المخفف بشأن الحسابات والاعتبارات السياسية المتعلقة بسياسة المناخ الذي أستطيع رؤيته هنا هو أنه خلافاً لمحاربة وباء، والتي تتعلق عموما بإخبار الناس بما لا يجوز لهم فعله، فإنه يفترض أن يكون من الممكن على الأقل صياغة بعض التدابير المناخية على شكل جزرات بدلاً من عِصي. أقصد بذلك الاستثمار في مستقبل أخضر وخلق وظائف جديدة في الأثناء، بدلاً من مجرد مطالبة الناس بقبول قيود جديدة ودفع ثمن أعلى.
وبالمناسبة، قد يكون هذا أكبر سبب للأمل في أن يفوز «الديمقراطيون» في جولة الإعادة الخاصة بانتخابات مجلس الشيوخ في ولاية جورجيا. فالسياسة المناخية تحتاج حقاً إلى أن تُسوّق باعتبارها جزءاً من حزمة تشمل أيضاً استثمارات أكبر في البنية التحتية وخلق الوظائف؛ وهذا لن يحدث ببساطة إذا ظل ميتش ماكونل قادراً على عرقلة التشريعات. 
وبالطبع، ينبغي أن نستمر في محاولة تجنب كارثة مناخية – كلا، هذا ليس تهويلاً أو مبالغة. ولكن رغم أن انتخابات 2020 لم تكن تتعلق بالمناخ، فإنها كانت تتعلق بالوباء إلى حد ما؛ ونتائجها تجعل من الصعب على المرء أن يكون متفائلاً بشأن المستقبل. 
*أكاديمي أميركي حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد. 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2020/11/16/opinion/coronavirus-climate.html