الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«حارسات التراث» يستعرضن مهاراتهن على أرض الوثبة

«حارسات التراث» يستعرضن مهاراتهن على أرض الوثبة
22 نوفمبر 2020 01:46

هناء الحمادي (أبوظبي)

وسط إقبال جماهيري كبير، وتحت شعار «الإمارات ملتقى الحضارات»، انطلق مهرجان الشيخ زايد في منطقة الوثبة، أمس الأول، ليستمر 90 يوماً، بالكثير من الفعاليات والعروض الترفيهية الكبرى التي تناسب كافة أفراد العائلة، حيث يضم 40 حيّاً شعبياً عالمياً، ومسارح وعروضا فلكلورية، ويستقطب أكثر من 17 ألف مشارك وعارض من حول العالم، ويقيم أكثر من 3500 فعالية ثقافية عالمية، وأكثر من 500 عرض وفعالية جماهيرية كبرى، بالإضافة إلى تنظيم أكثر من 100 ورشة عمل للأطفال تشجعهم على تنمية مهاراتهم وصقل مواهبهم.
يقام «مهرجان الشيخ زايد» برعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومتابعة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وإشراف مباشر من معالي الشيخ سلطان بن حمدان آل نهيان مستشار صاحب السمو رئيس الدولة رئيس اتحاد سباقات الهجن رئيس اللجنة العليا المنظمة للمهرجان.
كل من يزور القرية التراثية الإماراتية يعيش أجواء الماضي الجميل عبر الحرف التقليدية الموروثة، وتمكّن الزائر من مختلف الجنسيات مشاهدة عرض تمثيلي حي للحرف والصناعات التقليدية الإماراتية التي تعكس مظاهر العيش والحياة قديماً. 
تذكر سامية المنصوري، مشرفة الصناعات الحرفية واليدوية في القرية التراثية الإماراتية، أن عدد المشاركات في الحرف التراثية يقترب من 40 حرفية طوال مدة المهرجان، حيث يعرضن الكثير من الحرف التقليدية الأصيلة التي تعبر عن روح الماضي بأنامل حارسات التراث من الاتحاد النسائي العام، ويبدعن في حرفهن بكل إتقان، وفي عرض حي يقدمن تلك الحرف للزوار، وتتنوع الحرف ما بين قرض البرقع إلى التلي والسدو وثوب الميزع وصناعة الدخون. 

عنوان الطيب
تعتبر الحرف التقليدية من أبرز المهن التي اعتادت المرأة في الماضي مزاولتها، حتى أصبحت تلك المهن من أركان الموروث الثقافي، ويتضح ذلك للزوار الذين يجذبهم البخور الإماراتي برائحته الزكية، لينثر عبيره في أرجاء المكان، حيث تصنعه بخيتة هلال المنصوري من الاتحاد النسائي العام بكل حب، وتقول: «روائح الدخون هوية وميراث وذكريات يغلفها الحنين المعطر بلحظاتها التي لا تنسى، ولطالما اتسمت خلطته بالسرية في مكوناته الإضافية، والتي كانت رائحته تميز كل منزل إماراتي في السابق، ويعرف أصحابه من ريح طيبهم عند خروجهم من المنزل».
وتضيف: «كنا قديماً نصنع البخور في منازلنا معتمدين على الأدوات والخامات المتوفرة بالأسواق، وكانت أفضل أنواع الدخون تصنع بخلط المسك والعنبر بعرق الزعفران والياوي، بعد سحقهم في إناء معدني، وتركهم لمدة ثلاثة أيام للتخمر».
وعن طريقة إعداد البخور تذكر المنصوري: «كنا نشتري قطع العنبر من السوق ونذيبها بقليل من الماء والسكر حتى تلين وتصبح جاهزة للخلط مع «الدكة» أو مسحوق الأخشاب، الذي يضاف بكميات تتوافق مع كمية العنبر السائل، وما أن يتماسك الخليط تضاف إليه كمية من العطر ليتشبع به، وتكون ذلك بحسب رغبة المصنع وجودة البخور الذي يزيد سعره كلما زادت كمية العطر». 
وتتابع: «تعد مساحيق العود والعنبر والمسك، من أهم الخامات التي تستخدم في صناعة العطور والبخور الإماراتية القديمة، حيث كانت تستخرج منها الزيوت العطرية غالية الثمن، وتستخدم أخشابها في صنع الدخون».

نسج التلي
كل من يشاهد تناغم الألوان البراقة والتصميمات المطرزة الجذابة يقف متأملاً كيفية إتقان تلك الحرفة من خلال أنامل حارسات التراث في القرية التراثية الإماراتية، حين تبدعها أنامل عتيجة علي المحيربي من الاتحاد النسائي العام، والتي لديها خبرة طويلة في صناعته بكل حرفية، وعن ذلك توضح: «تعد حرفة التلي من الحرف اليدوية التقليدية التي تبرز الألوان البرّاقة والتصميمات المطرزة، وكانت هذه الحرفة تستخدم لتزيين مختلف أنواع ثياب النساء، بداية من فساتين الزفاف والملابس الرسمية وحتى الملابس العادية».
وتضيف: «تستخدم وسادة مستديرة الشكل في عملية التطريز. وبناء على الشكل المصمم، تستخدم النساء اللاتي يقمن بنسج التلي بحوالي من 8 إلى 50 «بكرة خيط»، لتتناسب مع عدد الخيوط المستخدمة، كما يتم تثبيت الوسادة أمامهن على حامل معدني يسمى «كاجوجة»، مؤكدةً أن الخيوط الفضية والذهبية الخالصة كانت تُستخدم في الأساس في نسج التلي لصناعة الشكل الرئيسي لتلك التصميمات المطرزة التي تمزج بين الخيوط القطنية الخالصة الملونة، والتي تمتد على طول القطعة المنسوجة، وينتج عن هذا التطريز تصميم يناسب معظم حفلات الزفاف المميزة أو المناسبات الأخرى، ويعد اللون الأسود والأحمر والأبيض أكثر الألوان استخداماً في حرفة التلي في الإمارات، بالإضافة إلى اللون الفضي».

 خياطة الميزع
 ومن التلي إلى ثوب الميزع الذي تدخل الألوان الجذابة في حياكته بأنامل كلثم المنصوري، التي اعتادت المشاركة في الكثير من المهرجانات التراثية، لكن يظل مهرجان الشيخ زايد مختلفاً بالنسبة لها، لأنه يحمل اسم المغفور له الوالد زايد «طيب الله ثراه».
وتؤكد المنصوري أنها تمتهن خياطة ثوب الميزع منذ عدة سنوات، وتبدع في حياكته، مستخدمة أقمشة الشيفون والحرير المكونة من عدة ألوان، وقالت إن ألوان أقمشة ثوب الميزع تتكون من اللون البنفسجي والأخضر والأصفر والأحمر والأزرق، حيث كانت النساء والفتيات يرتدينه في الأعراس والأعياد، وهذه الحرفة تفننت فيها المرأة الإماراتية من ناحية الزخرفة والنقوش الكثيفة، وهي عبارة عن رموز ومعان مختلفة يدركها البدو، ويعرفون ما تحمله من قيم ومعان، فبعضها يعبر عن وشم القبيلة نفسها، وبعضها عن المواسم، كما يتميز الميزغ بألوانه الزاهية المتنوعة وزخارفه الجميلة التي لها أيضاً دلالات اجتماعية مختلفة، ومستوحاة من طبيعة أبناء البادية.

حرفة السدو
 أما مريم المنصوري من الاتحاد النسائي العام، فتشارك في حرفة السدو بالقرية التراثية، وتقول: «تعتمد حرفة السدو على مواد وأدوات، منها وبرات الإبل وصوف الماعز والأغنام، إضافة إلى مجموعة معدات منها، المغزل والأوتاد الخشبية، ورغم أن هذه الحرفة كان يمارسها في القدم الرجال والنساء، على حد سواء، إلا أن النساء كن أشد إتقاناً وبراعة فيها، ومن السدو يمكن للحرفي صناعة بيوت الشعر، كما تدخل في هذه الحرفة حياكة الملابس والبشوت التي تعد أكثر ملابس الرجال شهرة وأهمية في منطقة الخليج، كون البشت يُصنع من خيوط فاخرة وبطرق متقنة، ويعد صوف الغنم وشعر الماعز من المواد الأساسية التي يحتاجها صانع السدو في عملية الغزل.

قرض البرقع
حرفة صناعة البرقع أو «قرض البراقع» لا تزال منتشرة بين النساء اللائي يحرصن على توريثها للأجيال القادمة، ومن ضمنهن الوالدة عتيجة عبدالله المنصوري التي تمتهن صناعة البراقع منذ قديم الزمن، ولا تزال تمارس هذه الحرفة في المعارض والمهرجانات التراثية.
تتحدث المنصوري عن البرقع في الماضي، وتقول: «يعتبر البرقع جزءاً من هوية المرأة الإماراتية منذ القدم، ويرمز إلى الحشمة والعادات والتقاليد الأصيلة، فالبرقع هو الغطاء الذي يغطي وجه المرأة وترتديه عند بلوغها أو عند زواجها، وكانت المرأة المتزوجة عادةً لا تخلع البرقع إلا أمام زوجها، ويأتي البرقع بأشكال وألوان متعددة».
 وتشير المنصوري إلى أن النساء الكبار في العمر كن يرتدين البرقع الكبير بالحجم الذي يغطي الوجه بالكامل عدا العينين، ويكون باللون الأحمر اللامع أو البنفسجي المائل إلى الاحمرار، أما الفتيات والنساء الشابات فكُنّ يرتدين البرقع الأصغر في الحجم، بحيث تتسع المساحة حول العينين، ويأتي باللون الأصفر أو الذهبي.
وعن الطقوس الاجتماعية في صناعة البراقع، تقول المنصوري: «جميع البراقع التي كانت سائدة في الماضي هي من صناعة الأمهات والجدات، اللائي كن يجتمعن في فناء المنازل ويتعاونَّ على صناعة براقعهن، وكن يعلّمن بعضهن بعضاً، ويحرصن على وجود الفتيات بجوارهن لتعلّم الحرفة، ولم تكن البراقع تباع في الأسواق كما نشهد في الوقت الحاضر، بل كانت بعض الأمهات يبعن البراقع من منازلهن».

تلي البريسم
تمارس موزة محمد الهاملي حرفة التلي بمهارة ودقة، مستخدمة خيوط البريسم باعتبارها الأجمل، وتقول إن التلي شريط منسوج من خيوط قطنية مطرزة بشرائط بلون ذهبي أو فضي لامع، ويستخدم التلي في تزيين أكمام وياقات الأثواب والسراويل النسائية، وهناك أنواع كثيرة منه، وأهمها: تلي «أبو بادلة واحدة»، ويكون على كم الفستان أو الثوب النسائي، وتلي «البادلة الصغيرة»، ويركب على السراويل الصغيرة، وتلي «البادلة الكبيرة» ويستخدم في السراويل الكبيرة، و«البادلة» عادة ما تكون بيضاء اللون، كما أن هناك أشكالاً عدة من «التطريز» منها «تلي بو فص»، و«تلي التعاون»، و«تلي الشطرنج»، و«تلي بوجنب». وتصف الهاملي أنواعاً عدة من تطريز التلي، منها «التقليدي»، وهو تجديلة الخيوط القطنية التي تضم 6 بكرات على الجانبين، يتوسطهن خيط الخوص الفضي، وقد تكون الخيوط القطنية بألوان مختلفة، منها الأبيض والأحمر والأسود، أما تلي «الزري»، فهو تجديلة خيوط الزري على الجانبين، يتوسطها خيط خوص يتناسب لونه مع خيوط «الزري» ولون القطعة المفروض تركيب التلي عليها، أما تلي «البريسم»، فتجديلة خيوط «البريسم» على الجانبين يتوسطها خيط خوص متناسب مع بقية الألوان.

سف الخوص
تعد مهنة «سف الخوص»، من المهن التراثية التي لا تزال الكثيرات من الأمهات يحافظن عليها كونها تعكس الموروث الشعبي، وتقتصر تلك الصناعة الآن على المهرجانات التراثية، وتمارسها العديد من النساء إحياءً للموروث الشعبي المتوارث عن الأجداد.
وتقول مباركة حمد المزروعي: إن حرفة «سف الخوص» تقوم على «حياكة» سعف النخيل، والتي تمثل حيزاً مهماً في حياة الجدات منذ قديم الأزل، موضحة أن الجدات استطعن تطويع سعف النخيل، ليخرجن منه أشكالاً غاية في الروعة، مستعينات بأدوات بسيطة، لصناعة مقتنيات تلبي احتياجاتهن، وتسيير حياتهن، مشيرةً إلى أنه بعد الحصول على الخوص، يتم غسله وتنظيفه، ومن ثم تقسيمه إلى شرائح رفيعة، وبعدها يغمس في صبغات من الألوان الطبيعية، ويترك فترة معينة، ثم يعاد غسله مجدداً، لتزداد مرونته وليونته، وحتى لا تترك الصبغة أثراً على الأصابع أثناء عملية تجديل الخوص لإنتاج الشكل المطلوب، ويشكل من الخوص «السرود والسفرة والجفير والمهفة»، وغيرها.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©