في الوقت الذي أجبرت فيه جائحة كورونا «كوفيد-19» العديد من دول العالم على إلغاء معظم الفعاليات والمعارض ضمن الإجراءات الاحترازية والوقائية لمواجهتها، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة شكّلت استثناء من ذلك، لأنها كانت تضع في اعتبارها وهي تخطط لتنظيم هذه النوعية من الفعاليات الكبرى احتمالات حدوث أزمات طارئة، وعملت على الاستعداد الجيد لها، وإقامتها في موعدها المحدد لها مسبقاً. في هذا السياق جاء الإعلان قبل أيام عن تشكيل اللجنة العليا المنظمة لمعرضي «آيدكس 2021» و«نافدكس 2021» ومؤتمر الدفاع الدولي بعنوان «ازدهار وتطور الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة وحمايتهم في عصر الثورة الصناعية الرابعة»، والتي ستقام في الفترة ما بين 21 حتى 25 فبراير 2021، في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، وهي اللجنة المسؤولة عن تنظيم هذا الحدث الكبير، وإخراجه بالشكل الذي يعكس الوجه الحضاري لدولة الإمارات.
إن انعقاد الدورة الخامسة عشرة لمعرضي «آيدكس ونافدكس 2021» في موعدها المحدد لا يعد فقط شهادة نجاح للجنة المعنية بتنظيمها بكفاءة واحترافية عالية، وإنما هو تأكيد أيضاً على تفوق الإمارات وريادتها في تنظيم هذه النوعية من المعارض الدفاعية، خاصة في ظل جائحة كورونا التي فرضت تحديات غير مسبوقة في جميع أنحاء العالم، وتوقفت معها حركة المعارض الدولية، بينما في الإمارات تواصل اللجنة العليا المنظمة للمعرضين جهودها، وتتعاون مع مختلف المؤسسات الوطنية المعنية من أجل إقامتهما في موعدهما المقرر، وذلك من خلال اتخاذ التدابير الاحترازية والإجراءات الوقائية التي تضمن سلامة كافة الزوار والمشاركين، وفق أعلى معايير الصحة والسلامة المحلية والعالمية. في الوقت ذاته، فإن المؤتمر الدولي المصاحب للمعرضين سيشكل نموذجاً للمؤتمرات الهجينة التي تقام في ظل جائحة كورونا، حيث سيجمع المؤتمر عدداً كبيراً من الخبراء والمتخصصين وصناع القرار من جميع أنحاء العالم على أرض الواقع وبشكل افتراضي.
لقد نجحت الإمارات خلال العام الجاري في تنظيم الدورة الرابعة والأكبر من معرضي «يومكس وسيمتكس 2020»، واللذين تم تنظيمهما خلال الفترة من 23 إلى 25 فبراير 2020، وقد نجح المعرضان في ترسيخ مكانتهما كمنصتين عالميتين لعرض أحدث الابتكارات والتقنيات والمعدات الأمنية أمام جمهور عالمي يضم وفوداً حكومية إقليمية، إلى جانب مجموعة من الوكالات والجهات المتخصصة بالقطاع والهيئات المدنية، وهذا أمر لا شك يعزز من الثقة في نجاح الإمارات في إقامة معرضي «آيدكس ونافدكس 2021»، فتجربة إقامة معرضي «يومكس» و«سيمتكس» في ظل جائحة كورونا كانت فرصة ناجحة لاختبار كفاءة الإجراءات الاحترازية والوقائية التي تضمن سلامة المشاركين والزوار، وهذا لا شك أمر ستبني عليه اللجنة العليا المنظمة لمعرضي «آيدكس» و«نافدكس» في تطوير هذه الإجراءات والخروج بالدورة الخامسة عشرة لمعرضي آيدكس ونافدكس، بالصورة التي تعزز مكانة الإمارات العالمية.
ولعل الملاحظة الجديرة بالانتباه أنه في الوقت الذي ألغت فيه كبرى الشركات الدفاعية والتكنولوجية في العالم مشاركاتها في المعارض الدفاعية والعسكرية منذ ظهور جائحة كورونا بداية العام الجاري، إلا أنها أكدت مشاركتها في معرضي «آيدكس» و«نافدكس 2021»، وليس أدل على ذلك من بيع كامل المساحات المخصصة للعرض في المعرضين، حيث من المتوقع أن تشهد الدورة المقبلة للمعرضين مشاركة أكثر من 1300 شركة متخصصة في مختلف القطاعات الصناعات الدفاعية، من أكثر من 60 من دولة، وهذا لا شك يعد شهادة دامغة على ريادة الإمارات وتفوقها في تنظيم وصناعة المعارض الدفاعية والأمنية، وهذا لم يأت من فراغ وإنما نتيجة للعديد من المقومات، أهمها دقة التنظيم وامتلاك خبرة تراكمية احترافية ووجود كوادر بشرية مؤهلة بقيادة اللجنة العليا المنظمة، فضلاً عن توافر البنى التحتية اللازمة لنجاح هذه المعارض الدولية.
تأتي الاستعدادات المتواصلة لإقامة الدورة الخامسة عشرة لمعرضي «آيدكس» و«نافدكس» في موعدها لتكمل قصص النجاح والازهار والنمو، التي تشهدها دولة الإمارات في ظل أزمة جائحة كورونا، حيث نجحت الدولة في إدارة هذه الأزمة بشكل فاعل ومدروس، لم يؤثر على خططها المستقبلية أو مشروعاتها التنموية، كما حدث في إطلاق «مسبار الأمل» وتشغيل وصيانة محطات براكة للطاقة النووية السلمية هذا العام، وهي إنجازات غير مسبوقة تؤكد أن الإمارات دولة لا تعرف المستحيل، وقادرة دوماً على تقديم النموذج الملهم للآخرين في صناعة النجاح، وقدرتها أن تجمع العالم بأبوظبي.
الدورة الخامسة عشرة لمعرضي «آيدكس» و«نافدكس» لها أهمية خاصة، لأن انعقادها يأتي في العام 2021 الذي تحتفل فيه الإمارات باليوبيل الذهبي لتأسيسها، وقد حققت فيه العديد من الإنجازات النوعية والنجاحات غير المسبوقة في مسيرة نهضتها الشاملة في مختلف المجالات، ولا ينفصل معرض «آيدكس» عن هذه النجاحات، فهذا المعرض منذ انطلاق دورته الأولى عام 1993 يجسد طموح دولة الإمارات نحو الريادة والتفوق بالمعايير العالمية، فقد استطاع أن يتجاوز المحلية إلى الإقليمية والعالمية، وبات يصنف الآن باعتباره واحداً من أهم المعارض الدفاعية في العالم، الذي يواكب كل جديد يطرأ على منظومة صناعة السلاح والدفاع، ويجذب إليه كبرى الشركات العالمية المتخصصة في الصناعات الدفاعية والتكنولوجية.
*إعلامي وكاتب إماراتي