أهمية العنصر القيادي في الوقت الحاضر، وما هو قادم في المستقبل القريب، تتمثل في تولي القيادات التي تتمتع بالمرونة والرشاقة الاستراتيجية لإحداث التغيير الإيجابي المرغوب في مؤسساتهم. ونتحدث عن القطاع العام الذي أصبح من المفترض منافساً شرساً للقطاع الخاص في استقطاب أفضل العقول، وتوظيف التكنولوجيا والمفاهيم الحديثة في الاستراتيجيات التنافسية، والإدارة الإبداعية التي تعتبر الابتكار عملاً أصيلاً من كل عملية يقوم بها أي فرد في المؤسسة، وعدم انغماس العقول المستنيرة في طاحونة العمل اليومي الروتيني، والنأي في تقييم أداء الموظفين عن الانتهاء من إنجاز المشاريع إلى النوعية والـتأثير والابتكار في المهام قبل المشاريع. وقبل الاهتمام بالتحول الرقمي، ينبغي التركيز على التحول في أنماط اكتساب المعرفة والتحليل العقلاني الاستدلالي والتجريبي وسلوكيات بعيدة عن الشخصنة وتعكس مختلف أبعاد الريادة الفكرية.
وهنا لا بد من أن نشير إلى أهمية التخطيط الاستراتيجي الديناميكي المفتوح، وهو ما يعدّ من متطلبات التعامل الاستباقي لمواجهة المتغيرات السريعة في البيئة المباشرة الداخلية والخارجية، ولذلك لا غرابة أن بعض المؤسسات المتقدمة في العالم تطور استراتيجيات اليوم أو الأسبوع أو الشهر الواحد في بعض الأحيان، بعيداً عن عقم أسلوب قياس النجاح التقليدي. ومن المهم أيضاً البعد عن نمطية وضع أهداف سنوية ومتابعة تنفيذها والانتهاء منها كمؤشر نجاح قياسي، ولا يجب أن يكون سن أو جنس أو شهادة أو خبرة الموظف هو معيار تولي المناصب القيادية، دون الكفاءة التي يحتاجها بلد ما ككل في منظومة متكاملة للتفوق الإقليمي والدولي. 
وما دام التركيز منصباً على الإدارة الاستراتيجية، فمن المهم الكشف عن رؤى جديدة في عصر التحول الرقمي، مما يساهم في تحويل مسار الأدبيات الإدارية الاستراتيجية الحالية، بل ولِم لا ننسفها والإتيان بالجديد، ولحدوث ذلك لابد من ترك مساحة للموظفين، لكي يبدعوا وعدم تقييدهم بالمهام الوظيفية التي ينصّ عليها سجلهم الوظيفي فقط، وتوفير منصات العمل التي لا تشجع فقط جدوى العمل خارج الصندوق، بل برمي الصندوق برمته! ونتساءل عن وجود مُمكّن حيوي كوحدة تنظيمية في كل المؤسسات، ألا وهو الوحدات المتعلقة بالبحث العلمي والدراسات ومراكز التفكير والإبداع والابتكار، كجزء أساسي في المؤسسات الحكومية. ونستغرب في حقيقة الأمر عن وجود فائض من المال في الميزانية السنوية مخصص لتغيير أثاث المكاتب بصورة دورية، ولا توجد ميزانية لإدارة المواهب والابتكار وصناعة المستقبل في عالمنا العربي!
فكيف سيواجه المسؤولون التنفيذيون وغيرهم التحدي للتعامل مع فرص ومخاطر هذا التحول المتسارع! وتحقيق الكفاءات والابتكارات والمزايا التنافسية التي قد تقدمها الثورة الرقمية! وضرورة تصميم نماذج أعمال جديدة، وبما في ذلك التخطيط الاستراتيجي في الوقت الحقيقي في عالم الاستجابة السريعة، وصنع القرار والتأثير المسبق في بيئة القرار، واعتبار الفكر الاستراتيجي عملية عضوية حيوية غير ثابتة يتم من خلالها حذف الأهداف والأنشطة، التي لا علاقة لها بالتميّز، والتي تؤدي في نهاية المطاف إلى الجمود أو حتى جودة الأداء الوهمية، والتي تنتهي بالفوز بجوائز لكن جوهر ما يقاس هو الإجراء الورقي!