لكي يشارك كلّ من يعيش على أرض الإمارات في رسم مستقبل هذا الوطن، ووضع التصوّر للنموذج الذي يتطلعون لأن يكون عليه، وليشعر كل فرد منهم بأنه جزء من هذه المسيرة المظفرة، ومساهم فاعل ومؤثر فيها، تحرص القيادة الرشيدة على أن يشارك المواطن والمقيم في مختلف مواقعهم، وعلى اختلاف تجاربهم ومستوياتهم المعرفية، في صياغة تفاصيل خطة الاستعداد للخمسين عامًا المقبلة، وتقديم رؤاهم ومقترحاتهم ووجهات نظرهم في الجوانب كافة المتعلّقة بهذه المرحلة التي تصبو الإمارات فيها إلى أن تكون واحدة من أفضل دول العالم في كل مجالات الحياة. 
والحقيقة أن هذا النهج ليس جديدًا ولا هو وليد وقته، بل هو أصيل ومتجذر منذ البدايات الأولى لتأسيس هذا الوطن، الذي قام على أسس الوفاق والاتفاق بين المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه من القادة المؤسسين الذين بنوا هذا الصرح الخالد وحرصوا دائمًا على أن يكون الجميع شركاءَ في تعزيز مسيرته وتطويرها لتكون نموذجًا يحتذى ومثالا في التعاضد والتكامل بين القيادة وشعبها، لتحقيق الأهداف والطموحات الوطنية، وهو نهج حرصت عليه القيادة الرشيدة وواصلت السير على هداه، بل وعملت على توسيع قاعدة المشاركة في رسم الطموحات والأحلام التي تجعل من الإمارات درّة الأوطان.
ومنذ أن أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، في أواخر عام 2019، أنّ العام الجاري سيكون عام الاستعداد للخمسين، والمؤسسات الوطنية في المجالات كافة تعمل كخلايا نحل لاستخراج أفضل ما لدى منتسبيها من أفكار ومرئيات لتنال شرف أن تكون جزءًا من إنجاز استراتيجية العمل الوطنية، للاستعداد للسنوات الخمسين المقبلة على مستويات الدولة كافة، الاتحادية والمحلية.
وفي هذا السياق، وضمن هذا الجهد والعزم الوطني المتوهج، تأتي مبادرة «تخيّل مستقبل دولة الإمارات 2071»، التي أطلقتها الجامعات الوطنية والخاصة في الدولة بهدف إشراك طلابها في وضع الأفكار والمقترحات لتصميم مستقبل دولتهم ومجتمعهم، وإتاحة الفرصة لهم للخروج بمبادرات تصنع فرقًا وتترك بصمة في مسار وطنهم من خلال ورش عملٍ، وجلسات العصف الذهني التي ستخرج بلا شك بنتائج فاعلة وأفكار قيّمة ترفد الاستراتيجية العمل وتضيف إليها، خصوصًا في ظل ما تتميّز به هذه الفئة من أبناء المجتمع من حماس وتوقّد ذهني واندفاع ورغبة جامحة في خدمة الوطن وردّ الجميل إليه.
هذه المبادرة الخلاقة ستسهم بكل تأكيد في تعزيز مشاركة الطلاب سواء في الجامعات أو الكليات والمعاهد الأكاديمية الفنية والتخصصية بالدولة في تصميم المستقبل، عبر مقترحاتهم وأفكارهم التطويرية التي تتجسد في عمل فني أو مقطع فيديو يشرح تطلعاتهم المستقبلية في مختلف التخصصات الإنسانية والاجتماعية والطبية والصحية والعلمية والهندسية والتكنولوجية، ومن ثمّ توظيف مهاراتهم وقدراتهم النوعية المبتكرة، في تصميم مسيرة التنمية الشاملة في الدولة، ورفدها بما يدور في عقولهم وأذهانهم من أفكار خلّاقة وطموحات لا حدود لها.
مشاركة طلاب الجامعات هي جزء من مشهد واسع رائع يجمع كل من يحب الإمارات وينتمي إليها ويسعى إلى رفع رايتها، لتظل على الدوام خفاقة في الأعالي، تبشّر الإنسانية بأن القادم أجمل، وبأن هذا الوطن وقيادته وشعبه لا يعرفون المستحيل، ويعبر عن وحدة الرؤى واجتماع العقول لتعزيز الفكر والابتكار والشراكات، ووضع أسس الانطلاق نحو تحقيق الريادة الاقتصادية والمجتمعية والتنموية، وتصميم منظومات جديدة للحياة على هذه الأرض الطيبة، ويؤكّد أنّ القادم سيكون أجمل للبشريّة كلّها، عندما يضع الإنسان نصب عينية أهدافًا خيرة ويركّز جهوده في تحقيق الحياة الأفضل له ولإخوته في الإنسانية، ويعمل لإعمار الأرض وجعلها مكانًا أفضل للعيش للأجيال الحالية والمقبلة على حدّ سواء.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.