الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الحب في الزمن الموجع للحرب

مشهد من الفيلم
12 نوفمبر 2020 01:28

ربما لا يمكن لأي فن آخر أن يجسد المشاعر الإنسانية من آلام وأفراح وإضرابات وتقلبات كما تجسدها كاميرا السينما وتنقلها لنا، فننتقل إلى مسرح ذلك العالم المُتخيل الذي تُقدمه لنا، ونعيش نحن تلك المشاعر ونعاني نفس الآلام كما لو أنها تحدث لنا. 
بعد عقود من الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 يقدم لنا المخرج اللبناني وليد مؤنس فيلم «1982»، وهو أول أفلامه، حيث يسرد فيه شهادة بصرية مؤلمة عن تلك الحرب، ويكشف لنا ما يمكن أن تُحدثه من جراح جسدية ونفسية لا يمكن أن تُنسى في حياة كل من يعيش أيامها. 

حكاية الفيلم
اختار المخرج أن يُرينا ما شهده هو شخصياً، حين كان صبياً، يوم الغزو الإسرائيلي الوحشي لبيروت، وهو لا يزال طالباً في مدرسته الابتدائية. حمل المخرج كاميرته وذهب إلى نفس تلك المدرسة التي تقع في منطقة برمانا، وقام بتصوير الفيلم هناك، فالمدرسة لا تزال على حالها ولم تتغير منذ ذلك الوقت. ترصد حكاية الفيلم ما حدث في نهار ذلك اليوم، من خلال عين الطالب وسام، وهو في حوالي العاشرة من عمره. يوم الاجتياح هذا هو نفسه يوم الامتحانات النهائية، والتي تدل على اقتراب الصيف ووعود بإجازة سعيدة ومفرحة. يشعر وسام بانجذاب لزميلته في الفصل «جوانا»، ويختار التواصل معها من خلال رسوماته، التي يدسها لها سراً في درجها الخاص. وبسبب صغر سنه وخجله وخوفه يُبقى هويته مجهولة، فلا يوقع باسمه على تلك الأوراق. حين تجدها جوانا تبدأ بالبحث عن صاحبها، ولكنها لا تستطيع التعرف عليه، وتردد هو في الإفصاح لها عن ذلك.
 إلى جانب قصة الطالب وسام، نتابع أيضاً قصة البطلة ياسمين التي يسيطر عليها الخوف من قرار أخيها الذهاب للجنوب والمشاركة في الحرب، بالإضافة إلى توتر علاقتها مع زميلها المدرس جوزيف. يظهر توتر هذه العلاقة بوجود اختلاف في طبيعة موقفهما من الحرب.

وصلت الحرب!
نبدأ بسماع صوت انفجار ضخم قريب من المدرسة ويتصاعد الدخان. يضطرب الفصل ويتزاحم الطلبة على النوافذ لرؤية ما يحدث. يقولون للمدرّسة، إن هناك بوارج تقصف بيروت من البحر، ولكنها تحاول يائسة تهدئتهم وإعادتهم لمقاعدهم. تخترق الطائرات الغازية السماء وتكسر حاجز الصوت بانفجارات ضخمة، ونرى الاشتباكات بين الطائرات. لقد وصلت الحرب. يمر صف مدرعات بأصواتها المخيفة بالقرب من جدار المدرسة، ويبدأ هاتف إدارة المدرسة بالرنين المتواصل فأهالي الطلبة قلقون، ولكن، تنقطع خطوط الهاتف، ونعرف أن الشوارع بدأت تزدحم بالسيارات الفارة من الاجتياح. يتم إخراج جميع الطلبة من المدرسة تمهيداً لنقلهم بالحافلات إلى بيوتهم. ويكتظ الشارع بالسيارات والحافلات. 
 في الحافلة، وهي على وشك التحرك، يقرر وسام النزول والذهاب لجلب حبيبته. تعرف إدارة المدرسة أن على جوانا أن تستقل تلك الحافلة، وهكذا يتم إجبارها على ذلك. يطلب وسام من جوانا أن تجلس في المقعد ذاته الذي كان يجلس هو عليه. ويطلب من الطالب الذي يجلس بجانبه أن يزيح حقيبته عن المقعد. يرفض الطالب فيدخل وسام في شجار معه قائلاً: إن المقاعد للطلبة وليست للحقائب. يتشابكان بالأيادي فيتدخل سائق الباص. وفي النهاية يفوز وسام بالكرسي بقرب حبيبته جوانا.

هالة من النور
في هذه اللحظة، يفتح دفتر الرسم ويبدأ برسم الشخصية ذاتها، والتي كان قد رسمها في الأوراق التي دسها في درج جوانا. هنا تشاهده وهو يرسم وتدرك أنه هو صاحب الأوراق، فتبتسم. نبدأ بسماع هدير الانفجارات ونرى نيران القصف على بيروت. ينظر جميع الطلبة من نوافذ الباص إلى هذا المشهد المرعب. تركز الكاميرا على وجهي وسام وجوانا، ونقترب من عين وسام الذي يرى الشعاع النجمة يلمع في السماء. نبدأ برؤية الشاشة، من مخيلة «وسام»، وهي تتحول إلى رسوم، يبرز فيها البطل الأسطوري «تيغرون» الذي ابتدعه وسام. يبدأ «تيغرون» بالتصدي للقصف، وتبرز هالة ضخمة من النور من بين يديه لتغلف بيروت بالألوان الزاهية، دلالة انتصار البطل المُخلِّص على الأعداء وهزيمتهم وعودة السلام. حين سُئل المخرج لماذا لم يقم بعرض أية مشاهد من الحرب ذاتها، إذ لم نشاهد سوى تصاعد دخان القصف من بعيد، رد بالقول إنه رفض استخدام مشاهد حرب مباشرة أو صور من القصف لأنه لا يريد إحداث ألم نفسي، بل التعبير بشكل غير مباشر عن تأثير القصف على الأطفال والكبار، وسيطرة الهلع والخوف على الجميع.
 حصل فيلم «1982» على جائزة أفضل فيلم آسيوي في مهرجان تورونتو بكندا.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©