تحظى قضايا الطاقة باهتمام كبير على الصعيد الدولي، حيث إن الطاقة هي عصب التنمية، بل وعصب الحياة بأكملها، وتعمل الدول المختلفة بصورة متواصلة على وضع السياسات اللازمة لتحسين موارد الطاقة التي تمتلكها وكيفية استخدامها على النحو الذي يكفل تحقيق الأهداف المرجوة. 
وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة، واحدة من الدول الرئيسية المنتجة للنفط في العالم، وعضواً في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، ومنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول «أوابك». ويقدر احتياطيها من النفط بنحو 97.8 مليار برميل، وتستأثر إمارة أبوظبي وحدها بنحو 92.2 مليار برميل منه. وقد أثبتت دولة الإمارات قدرتها على اتخاذ المبادرات الإيجابية، والانفتاح على المفاهيم الجديدة والابتكارات التكنولوجية لخدمة قطاع النفط والغاز، كما أدخلت في سياساتها العديد من التغييرات في مختلف العمليات والأنشطة لرسم ملامح مستقبل قطاع الطاقة.
وانطلاقاً من حرصها على المساهمة بفاعلية في تعزيز خطط مستقبل قطاع الطاقة على الصعيد الدولي، تستضيف دولة الإمارات في كل عام معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول «أديبك» الذي يعتبر واحداً من أكبر ثلاثة معارض ضمن قطاع النفط والغاز في العالم، والأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بخلاف كونه منصة عالمية لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات التي من شأنها تمكين الخبراء والمختصين في قطاع النفط العالمي من تبادل المعلومات والأفكار، وهي استضافة تؤكّد بلا شك ريادة الدولة في هذا القطاع الاقتصادي الحيوي الذي يمثّل عصب الاقتصاد العالمي، وخصوصاً في ما يتعلق بقطاع الصناعة الذي لا تستطيع عجلاته أن تدور من دون توافر هذا المورد. 
وحتى لا يتوقف المعرض، ولكي تستمر دوراته عاماً بعد آخر ليواكب أحدث التطورات التقنية آخر الابتكارات التي توصّل إليها العقل البشري في مجال تطوير الصناعات البترولية، وكما هي عادتها في ابتكار الطرق والوسائل والأساليب التي تسهم في مواجهة أي عقبات تواجه الأنشطة الإنسانية على تنوعها واختلاف مجالاتها، ونظراً إلى الظروف التي أحدثتها جائحة «كوفيد - 19»، فقد حرصت دولة الإمارات على تنظيم فعاليات معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول «أديبك 2020» هذا العام التي انطلقت افتراضياً يوم أمس الاثنين 9 نوفمبر، وتستمر حتى يوم الخميس الموافق 12 نوفمبر الجاري، وهي تحظى برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وتستأثر باهتمام كبير ومشاركة واسعة من قبل وزراء وقادة وخبراء قطاع الطاقة حول العالم. 
المؤتمر الذي يعتبر منصة سنوية لتبادل الرؤى والأفكار بشأن واقع قطاع النفط العالمي ومستقبله، يناقش من خلال محاوره الستة مجموعة متنوعة من الموضوعات والقضايا المتعلقة بعمليات تكرير النفط الخام ومعالجة وتنقية الغاز الطبيعي الخام، التي تسهم بدورها في تعزيز نمو وتطور عمليات التكرير والعمليات البتروكيماوية الاعتيادية، إذ تتطرق العديد من الشركات المحلية والعالمية المشاركة فيه إلى أحدث ابتكاراتها المخصصة لمواقع العمل والحوادث، وقدرتها على توفير التغذية الراجعة في الوقت الفعلي، إضافة إلى اعتماد حلول التكنولوجيا الذكية والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي لتحسين عملياتها إلى الحد الأمثل، وزيادة أرباحها ضمن قطاع النفط والغاز.
ويأتي الابتكار والفهم على رأس قائمة أولويات المؤتمر الاستراتيجي لفعالية «أديبك 2020» والمؤتمر الفني الافتراضي المصاحب له، اللذين يشكلان أضخم منصة إلكترونية لتبادل المعارف في القطاع، لاسيما أنهما يستضيفان أكثر من 700 متحدث، ويزخران بأكثر من 100 ساعة من المحتوى القيّم، وهو ما يجعل منهما أحد أهم المنابر والمحافل الدولية التي تُعنى بتدفق وتبادل المعارف والابتكارات على هذا الصعيد.
ريادة الإمارات وتصدرها المشهد الإقليمي والعالمي في الكثير من الجوانب، لم تأتِ من فراغ، بل هي نتاج رؤية ثاقبة لقيادة رشيدة تتطلّع باستمرار إلى وضعها في الصفوف الأماميّة في المجالات كافّة، وجهود كبيرة تبذل للمحافظة على ما حققته الدولة من سمعة وتميّز يشهد لهما القاصي والداني، ويجعلها قبلة للفعاليات والأنشطة الدولية التي تفيد البشرية كلّها، وما هذا المؤتمر والمعرض إلا واحد من أدلة كثيرة على هذا التميز.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية