أصابت زميلي فارس عوض، شاعر الوصف الرياضي الجميل، نوبة من الجنون، وهو يلاحق الحركة الخرافية التي جاء بها على حين غرة، «الأسطورة» إسماعيل مطر، ليوقع في مرمى شباب الأهلي هدفاً مارادونياً. 
وكيف لا يفقد فارس عقله، وهو يشاهد ما شاهدناه معه، بل إننا عندما نعود اليوم، لنسمع الإشادة التي رافقت ذلك الإبداع الذي تدفق من قدم «سمعة»، نوقن أن فارس التعليق أجاد، بقدر ما أجاد فارس الإبداع.
طبعاً تابعت ما كان من ردود فعل، صاغت بلغة الانبهار روعة وجمالاً، ما أتى به إسماعيل من سحر لا يجارى، أصبح به حديث العالم، واستوقفتني المقارنة الرقمية التي أنجزها زملائي بـ «الاتحاد»، بين هدف إسماعيل مطر، وكل الأهداف التي سبقته، وقد حشرت في قائمة الأهداف المارادونية، ليس في جمال المبتدأ، وروعة المنتهى للهدف الخرافي، ولكن في هوس الأرقام، و«مطر» إسماعيل الذي انهمر كسقيا خير في موسم خريف، بعد طول تصحر، مختلف عن هدف مارادونا وميسي، حتى لا أذكر إلا هؤلاء، و«سمعة» سجل هدفه الخرافي، وهو في سن 37، واحتاج عند تصميم تلك اللوحة السرمدية إلى 6 لمسات فقط، أي أقل بالنصف عن مارادونا وميسي.
طبعاً، لا شيء يفاجئ في الذي شاهدته من «سمعة»، لأن الرجل برصيد إبداعي يؤهله لإنتاج كثير من الخوارق الفردية، التي تحن إليها كرة القدم العالمية اليوم، وقد احتكرتها الجماعية الميكانيكية، إلا أن ما جذبني إليه، هو ما حكاه إسماعيل مطر للزملاء بقناة «أبوظبي الرياضية»، عن هدفه المبهر الذي صنعته طراوة بدنية مذهلة، بدا من خلالها وكأنه في ربيعه العشرين.
قال سمعة إنه خضع بإشراف اختصاصي في التغذية، لنظام تدريبي، ساعده على تقليص حجم العضلات من 40 إلى 33%، وهو ما منحه الرشاقة التي تساعده في هذه السن على التحليق مثل الفراشة، ليس هذا فقط، بل إنه سينصح الشباب بأن ينتبهوا جيداً لصوت وإحساس الجسد، وأن لا يكرروا خطأ ارتكبه لمدة 17 سنة، عندما لم يصغ جيداً لجسده، وهو في الحقيقة سلاحه الذي يحارب به في عالم كرة القدم.
هذا الذي قاله «سمعة»، هو نفسه الذي قاله ذات مرة الخارق كريستيانو رونالدو، عندما سئل عن سر هذه الحيوية والرشاقة التي تساعدانه، على أن يبهر بأهدافه، وهو في سن جد متقدمة، لقد قال: «أنا أستمع جيداً لجسدي، أعرف ما يحتاجه، ليكون قوياً وجموحاً وكاسراً، ويوم ينبئني هذا الجسد، بأنه لا يستطيع ربح التحديات سأتوقف».
في جملة واحدة صاغ رونالدو وإسماعيل مطر، ما يختزل علينا آلاف الكلمات التي قد نحتاجها، لنقدم مواصفات لاعب كرة قدم المستوى العالي، وما تتطلبه الاحترافية والديمومة في الملاعب من جهد خارق وشاق.. منكم نتعلم.