اليوم، الثالث من نوفمبر، تكتمل الانتخابات الأميركية بين مرشحين: ترامب «الجمهوري» وبايدن «الديمقراطي»، بعد مخاض طويل وشاق من الاستعدادات واللقاءات، والحروب الدعائية اليومية غير المسبوقة في نوعيتها ولغتها وشعاراتها وأسلحتها الكلامية واتهاماتها المتبادلة.. ولنقل إنها حتى الآن مازالت اللعبة الديمقراطية ومشتقاتها ومنفلتاتها في حق التعبير، حتى ولو ساد ما ساد من خروج على التقاليد والأعراف في مثل هذه المناسبات.
أسئلة كثيرة تطرح حول انتخابات اليوم، والتي يقال إنها قد تحدد مصير أميركا نفسها، وسلْمها الأهلي وركائزها التاريخية، ومؤسساتها الراسخة.. كأن يُقال إن أقوى دولة في العالم على حافة الخطر، هذا ما يتداوله كثير من الخبراء والمحللين والصحفيين والكتّاب والفلاسفة والمؤرخين الذين أبدوا مثل هذه التخوفات «المصيرية»، وتكهن بعضهم بسيناريوهات «أبوكاليبسية» غير مسبوقة. حتى الناس العاديون تنتابهم مثل هذه المشاعر. حول احتمال ما قد يحدث بعد إفراز نتائج الانتخابات وإعلانها، حتى قال بعضهم، إن «نهاية أميركا نفسها وشيكة». وكما يقول العالم السياسي وليم هول: «إذا خسر ترامب الانتخابات ستتعرض الديمقراطية الأميركية لتحديات كبيرة». ويرد آخرون: «حتى إذا خسر بايدن، فإن المجهول قد ينتظر أيضاً البلاد». وقد لمّح ترامب إلى مثل هذه الحالات على «تويتر»، قائلاً إن «ملايين الموتى صوتوا في الأسابيع الماضية»، وإن بطاقات الاقتراع هي «تصويت مزور!». 
يقول صاحب متجر «رابيد فاير» لبيع الأسلحة، إنه باع نحو خمسة ملايين قطعة من الذخائر منذ شهر مارس الماضي، «كأن الناس تسونامي تخزين الأسلحة من المسدسات والبنادق.. ووتيرة بيع الأسلحة نفسها تضاعفت». 
هذا الكلام يدفع للتشاؤم وللخشية من اندلاع أحداث عنيفة في الشوارع، ويبررون ذلك بعدة ظواهر: 
1- التمحور العنصري الذي اشتد بعد مقتل جورج فلويد.
2- الشعبويات المتبادلة.
3- الوضع الاقتصادي المتدهور بسبب «كورونا». 
4- الضعف اللافت الذي اعتور الفكر السياسي عموماً وتنامي التوجهات الغريزية، إلى درجة أنه لم يعد سهلاً التمييز بين الديمقراطي والمحافظ، واليميني واليساري.
5- تقهقر الصحافة والمجلات الورقية أمام طغيان وسائل التواصل الاجتماعي.
6- تشكل مجموعات مسلحة أشبه بميليشيات تجوب شوارع بعض المدن ومنها فيلاديلفيا.
7- مخاوف من تطور الصراعات العنيفة إلى «حروب أهلية» تتفكك عبرها المؤسسات والبنى وحتى الولايات! 
هل هي تساؤلات جدية ومخاوف حقيقية، أم أنها مجرد وسيلة للتهويل والتخويف؟ تقول أستاذة العلوم الاجتماعية في جامعة برنستون، نانسي بريد، «إن القواعد الديمقراطية يمكن أن تحافظ على وجودها حتى مع ترامب وبايدن»، وتضيف: «إن أكثرية الشعب الأميركي، رغم هذا الشحن، غير مهيأة لهذه السيناريوهات، فيمكن الرهان عليها في مواجهة هذه المخاطر، وهناك أيضاً رهان جدي على الصحافة الأميركية في مواجهة هذه الأزمات، فهناك كثيرون مازالوا يؤمنون بأميركا ديمقراطية..».
أما نحن فنميل إلى هذا التحليل، وهو أن أميركا ستبقى أميركا، وأن زمن أميركا سيبقى زمن أميركا، وأنه لا يمكن أن تهز هذه الإمبراطورية القوية مثل هذه الأصوات التي مازالت «موضعية» ومحدودة.