تولي القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة اهتماماً كبيراً بالتراث، وتقوم برعايته وتدعم كل الجهود للمحافظة عليه، باعتباره جزءاً مهمّاً من تاريخ الوطن وهويته، فهو الوعاء الذي تستمد منه الدولة تقاليدها وقيمها الأصيلة ولغتها وأفكارها وممارساتها وأسلوب حياتها الذي يعبر عن ثقافتها وهويتها الوطنية، وهو جسر التواصل بين الأجيال، والمكوّن الأساسي في صياغة الشخصية وبلورة الهوية الوطنية.
وهذا الاهتمام بتراثنا الوطني كان أولوية أساسية منذ تأسيس الدولة على يد الوالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، الذي كان شديد الحرص على كل مكونات هذا التراث، وله، رحمه الله، الكثير من المواقف والتصريحات التي تؤكد هذا الحرص الكبير، ومنها قوله: «إننا نحرص على الاحتفاظ بتقاليدنا العربية الأصيلة وتراثنا القومي، وهي تقاليد نحبها وتوارثناها عن الأجداد عبر أجيال طويلة، إنها منقوشة في الصدور، وسنحرص عليها دائماً مهما خطونا في ميادين الحضارة». 
ومن هذا المنطلق، تقيم الدولة العديد من الفعاليات والمهرجانات التراثية والثقافية، التي تعمل بدورها على صون ثقافتنا الوطنية، وتعريف المقيمين والزائرين، الذين يتوافدون من مختلف الجنسيات والثقافات، بالعادات والتقاليد والموروث الخاص بدولة الإمارات، وفي هذا السياق، ينطلق مهرجان الظفرة في دورته الرابعة عشرة هذا العام، خلال الفترة من 5 نوفمبر الحالي إلى 29 يناير2021 في مدينة زايد بمنطقة الظفرة، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله.
وتشمل فعاليات المهرجان هذا العام، مزاينة الإبل لفئتي المحليات والمجاهيم، ومزاينة الصقور وغنم النعيم، وسباق الخيول العربية الأصيلة، ومسابقة الصيد بالصقور، وبطولة سباق السلوقي العربي التراثي 2500 متر، ومسابقة الرماية، وغيرها من الفعاليات التي ستُعقَد ضمن جدول ومواعيد تستمر نحو 13 أسبوعاً، كما أعلنت اللجنة المنظمة للمهرجان إضافة شوط بينونة، ضمن مسابقة الرماية التي تقام بالتعاون مع نادي الظفرة للرماية، حيث سيكون هذا الشوط مخصصاً لمواطني دولة الإمارات، وقد خصصت اللجنة المنظمة للمهرجان خمس جوائز نقدية لهذا الشوط، ويحصل الفائز بالمركز الأول على مبلغ 12 ألف درهم، والفائز بالمركز الثاني على 8000 درهم، وتتوزع الجوائز وصولاً إلى المركز الخامس.
وتحرص لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي بصفتها المنظمة لمهرجان الظفرة، على دعم ملاك الإبل وتشجيعهم على إنتاج واقتناء أنقى سلالات الإبل، والحفاظ على التراث الإماراتي والخليجي والعربي وما يرتبط به من عادات، وجعل المهرجان الملتقى الأول إقليميّاً وعالميّاً لملاك الإبل، والمساهمة في تطوير السياحة الثقافية وتحفيز النشاط الاقتصادي في منطقة الظفرة.
ونظراً للظروف الاستثنائية التي نواجهها إثر تفشي فيروس كورونا «كوفيد-19»، تم الاستغناء عن فعاليات السوق الشعبي ضمن هذه الدورة، منعاً للاكتظاظ، وتحقيقاً لسياسات التباعد الجسدي، كما سيتم اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية والوقائية، بالتعاون مع الجهات المعنية لحماية صحة المشاركين والعاملين.
وكان المهرجان قد شهد في دورته الـ 13 نقلة نوعية وزيادة في عدد المشاركات والجوائز، بفضل توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، برفع قيمة جوائز مسابقة مزاينة الإبل إلى 20 مليون درهم، لتبلغ القيمة الإجمالية لجوائز المهرجان نحو 60 مليون درهم، منها 52 مليوناً لجوائز مزاينة الإبل، ومن المتوقع أن تكون الدورة الـ 14 إضافة نوعية متميزة لهذا المهرجان، الذي يعدّ فعالية مهمة للحفاظ على تراثنا الوطني. 
إن اهتمام الدولة بالتراث ليس من قبيل الترف، ولكنه اهتمام أساسي، حيث يمثل الموروث الشعبي عنصراً رئيسيّاً في تكوين وطبيعة الإنسان الإماراتي، وخاصة أن دولة الإمارات تتمتع بالفعل بموروث ثقافي غني ومتنوع وأصيل، يجب الحفاظ عليه. ولا شك أن الاهتمام بالتراث ينطلق من شعور عميق بأهميته في حياة الشعوب والأمم، وخاصة تلك التي تطمح إلى أن تكون في مصاف الدول المتقدمة في كل المجالات، كما هي الحال بالنسبة إلى دولة الإمارات، فالتراث يمثل مصدر إلهام لأبنائها، حيث يحفزهم على المزيد من العطاء من أجل مواصلة ما بدأه الأجداد والآباء، والمساهمة بفاعلية في مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها الدولة.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.