«لقد عملت في 47 شهراً كرئيس أكثر مما فعل جو بايدن في 47 عاماً»، جملة شهيرة قالها الرئيس ترامب في إحدى مسيراته، لكن الإعلام الأميركي يحاول دائماً تغطية حقيقة ما قام به بايدن بالفعل في العقود السابقة، حتى في آخر مقابلة له الأحد الماضي، في برنامج «60 دقيقة»، تم تجاهل الكثير من إخفاقاته وتناقضه. 
لم يسأل في المقابلة عن نقاط مهمة، من المعلوم أن الناخب الأميركي ضدها بشكل كبير، مثل «الحكومة الكبيرة» والافتراض السائد بين «الديمقراطيين»، هو أنه لا يمكن لأحد أن يفعل أي شيء من دون الحكومة، وبأن المستقلين يتم معاقبتهم بضرائب عالية، كذلك لم يتم التحقق في تناقض وعود بايدن، فمثلاً وعد أنه سيجعل الكليات والجامعات الحكومية والخاصة معفاة من الرسوم الدراسية للطلبة القادمين من عائلات تجني دخلاً أقل من 125000 دولار سنوياً، كما ذكر أن الدراسة الجامعية المجانية ستدفع من خلال فرض ضرائب على الشركات، لكن لم يتم مسائلته بأن رفع الضرائب على الشركات يعني تسريح العمال أو عدم توظيفهم مما سيرفع نسبة البطالة. 
كذلك كان النقاش حول السياسة الخارجية سطحياً من دون أسئلة متابعة، فقد ذكر بايدن أن ترامب يضغط على أصدقائنا، كنت أود أن أرى المذيعة، «نورا أودونيل»، تقاطعه على الفور وتسأله: أليس هذا ما قامت به إدارة أوباما عندما كنت نائبه، فقد اقتربتم من النظام الإيراني المعادي للولايات المتحدة، وكنتم تسعون لجعل حزب «العدالة والتنمية» الإخواني برئاسة رجب طيب أردوغان قدوة في المنطقة ضد الحلفاء التقليديين لأميركا مثل السعودية والإمارات ومصر؟ ثم تابع بايدن بالحديث عن وضع الخليج، وكيف أن إيران اقتربت الآن من امتلاك سلاح نووي، المذيعة هنا أيضاً لم تحقق معه بأن الاتفاق النووي مع إيران لم يغير سلوكها كما اعتقدت إدارة أوباما. 
كذلك ذكر «بايدن» أن الدولة التي تشكل أكبر تهديد لأميركا هي روسيا، لكن «أودونيل» لم تسأل «بايدن» إذا كانت روسيا لا تزال العدو الأول، فلماذا التقى جو وهنتر بايدن بمديري الطاقة الروس الذين تسيطر عليهم الدولة في أبريل 2014؟ فقد أثارت «أودونيل» هذه العلاقة على أنها مزاعم روّج لها حلفاء ترامب، والتي تشير إلى أن رسائل البريد الإلكتروني لدى «هنتر بايدن» تحتوي على علاقات غير قانونية بين عائلة بايدن والكيانات الأجنبية، وقد تركت «أودونيل بايدن» يفلت من الجواب، من خلال زعمه أنه ضحية «حملة تشويه» بين فلاديمير بوتين ومحامي ترامب رودي جولياني. 
كل يوم يثبت لنا أن المعايير الإعلامية الأميركية مزدوجة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمرشحي الحزب «الديمقراطي» فالأسئلة تكون سهلة من دون متابعة أو تحقيق، وبالتأكيد لن يسأل هذا السؤال: ما الذي يجعلنا نعتقد أن بايدن سيحقق نجاحاً هذه المرة في ما لم يفعله من قبل؟

*باحثة سعودية في الإعلام السياسي