الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

رأس الخيمة.. عقد من صناعة النجاحات

رأس الخيمة.. عقد من صناعة النجاحات
28 أكتوبر 2020 01:34

رأس الخيمة ( الاتحاد)

تأخذ رأس الخيمة التي تقع أقصى شمال دولة الإمارات زمام المبادرة في فتح آفاق جديدة لعملية التنمية، وتقديم نموذج ناجح في كيفية الاستفادة من مقوماتها الطبيعية ومن كفاءاتها البشرية، ومن رؤية قيادتها الرشيدة لتحقيق المزيد من النجاحات في مختلف القطاعات. وتعتبر رأس الخيمة ركيزة أساسية في مسيرة التنمية الاقتصادية التي شهدتها دولة الإمارات منذ العام 1971، فالإمارة التي تشتهر بجمال طبيعتها وبجبالها ومناظرها الخلابة، وفرت العديد من المقومات الأساسية التي ساهمت في تعزيز حضور الدولة على الساحة العالمية، فقد استخدمت صخور جبالها الشاهقة في بناء العديد من المدن بدولة الإمارات، وكما هو الحال في أي مسيرة تقدم وازدهار، ومع مرور الأعوام وتغير الظروف، أضحت لإمارة رأس الخيمة مكانة رائدة في دعم التوجهات الجديدة لدولة الإمارات في بناء اقتصاد متنوع ومستدام قائم على المعرفة.  ويصادف شهر أكتوبر من هذا العام الذكرى العاشرة لتولي صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، مقاليد الحكم في الإمارة، ولمسيرة التنمية فيها، ونستعرض من خلال (10 في 10) المجالات العشرة التي استحوذت على أولويات الإمارة خلال العقد الماضي، وكيفية مساهمتها في تحقيقها لأهدافها، وفي دفع مسيرة التنمية المستدامة في دولة الإمارات.

تتبنى حكومة رأس الخيمة نهجاً مالياً يقوم على الحوكمة الرشيدة، وتلتزم باستمرار تحسين مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال، وهو ما ساهم في تحقيق الموازنة العامة للإمارة فائضاً مالياً سنوياً منذ العام 2010، وذلك بفضل اعتمادها على اتباع سياسات متحفظة للدين العام مبنية على توجه تنازلي ثابت لإجمالي هذا الدين، مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي للإمارة. 
وساهم هذا النهج التعاوني والمؤسسي لحكومة الإمارة في تكريس مكانة رأس الخيمة وجهةً للشركات الصغيرة والمتوسطة، والشركات الكبرى، إذ يصل عدد الشركات التي تعمل فيها حالياً إلى أكثر 38000 شركة من 100 دولة تمارس أعمالها في 50 قطاعاً مختلفاً، مستفيدة من التراخيص التجارية والخدمات التي تقدمها هيئة مناطق رأس الخيمة الاقتصادية «راكز»، وغرفة تجارة وصناعة رأس الخيمة، ودائرة التنمية الاقتصادية في رأس الخيمة. 
ويستفيد المستثمرون الذين اختاروا هيئة مناطق رأس الخيمة الاقتصادية «راكز» لممارسة أعمالهم التجارية، وافتتاح متاجرهم الخاصة، من التكلفة المنخفضة للسكن، والأيدي العاملة الماهرة، والبنية التحتية المتطورة، والمرافق الحديثة، التي تساهم في تمتع موظفيهم بجودة حياة عالية ضمن بيئة آمنة للغاية، تتوفر فيها كافة مقومات المدن الرئيسية كالفنادق، والمعالم السياحية عالمية المستوى، وإن كانت على نطاق أصغر ولكنه يبقى أكثر جاذبية.
ويمكن تتبع هذا التطور النوعي واقتفاء أثره بلغة الأرقام، حيث حصلت الإمارة مؤخراً على المرتبة 30 عالمياً وفق تقرير ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2019 الصادر عن البنك الدولي، والذي يقيس سهولة ممارسة أنشطة الأعمال في 190 اقتصاداً حول العالم.

توسع المناطق الحرة
ساهمت المنطقتان الحرتان في تعزيز حضور الإمارة على خريطة الأعمال العالمية، وترسيخ مكانتها وجهة استثمارية على مستوى المنطقة. 
كما أصبحت المناطق الحرة التي تم ضمها جميعاً العام 2017 لتكون تحت مظلة هيئة مناطق رأس الخيمة الاقتصادية «راكز» من بين أهم الوجهات لممارسة الأعمال والأنشطة التجارية على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة.

تطور السياحة والضيافة
قطاع السياحة بدوره واحد من القطاعات التي شهدت تقدماً كبيراً في رأس الخيمة على مدار الأعوام العشرة الماضية، فقد أصبحت الإمارة وجهة معروفة ومكاناً مفضلاً للابتعاد عن صخب المدن، وقد أتاح التنوع الجغرافي لرأس الخيمة من الصحارى إلى الشواطئ الجميلة والجبال الشاهقة، تقديم مجموعة مختلفة من الأنشطة في مواقع قريبة من بعضها بعضاً.
وجاءت الإشادة بإنجازات الإمارة في هذا المجال مطلع العام الجاري، عندما اختار مجلس التعاون الخليجي إمارة رأس الخيمة عاصمة السياحة الخليجية لعام 2020 لعدة أسباب، منها بروز تطور قطاع السياحة والضيافة بشكل واضح في الاستراتيجية الشاملة للإمارة خلال العقد الماضي، حيث حدثت نقلة نوعية انعكست في ازدياد عدد السياح الزائرين للإمارة ليقفز من 390 ألف سائح في عام 2011 إلى أكثر من مليون في عام 2019، مع وجود خطط للوصول إلى 3 ملايين سائح بحلول عام 2025.

تطور أسلوب الحياة 
كانت «قرية الحمرا»، التي افتتحت لأول مرة في عام 2004، أول مشاريع إمارة رأس الخيمة في مجال التطوير العقاري، وقد نمت المنطقة لاحقاً لتصبح مجتمعاً مزدهراً تبلغ مساحته 77 مليون قدم مربعة، يضم حوالي 10000 ساكن يعيشون في أكثر من 1000 فيلا، وما يقرب من 2500 شقة بتكلفة مناسبة ومنافسة لكثير من المجتمعات السكنية المماثلة في أي مكان آخر. وقد تم بناء مشروع «قرية الحمرا» حول ملعب جولف مصمم بشكل جميل يضم 18 حفرة، وقد حققت القرية نجاحاً كبيراً في أوساط السياح والمقيمين على حدٍ سواء، لما تضمه من مرافق، منها مرسى ومركز تجاري والعديد من المطاعم والمقاهي وبعض أفضل الفنادق في الإمارة.
وعلى بعد بضعة كيلومترات شمال «قرية الحمرا»، يقع مشروع مجتمع الواجهة البحرية الفاخر «ميناء العرب»، الذي طورته شركة رأس الخيمة العقارية، وتم تسليم المرحلة الأولى منه والمسماة «غرناطة» في عام 2010، ليتبعها افتتاح العديد من المناطق الأخرى، مثل: ماليبو، وبرمودا، وفلامنغو، في الأعوام التي تلت ذلك، ما ساهم في تطور هذا المجتمع والذي نراه اليوم قائماً على أرض الواقع. 
ويضم مشروع «ميناء العرب» معلماً طبيعياً مهماً، فهو يتضمن مليوني متر مربع من الأراضي الرطبة الساحلية المحمية، وأكثر من 7000 شجرة تستقبل الطيور المهاجرة، مما يزيد من الشعور بالاسترخاء وجمال الطبيعة في هذا المشروع الذي يشهد حالياً قيام سلسلتي فنادق ذات شهرة عالمية هما أنانتارا وإنتركونتيننتال، بتطوير فنادق تابعة لهما، الأمر الذي سيعزز من قيمة المشروع وجودة الحياة فيه. 

منظومة تعليمية
تتمتع إمارة رأس الخيمة بتاريخ حافل وغني بالإنجاز الأكاديمي، حيث كانت الإمارة سباقة في إنشاء نظام تعليمي جاء ترجمة لحكمة المغفور له الشيخ صقر. 
وواصل صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي مسيرة والده الراحل في دعم التعليم من خلال إنشاء منطقة راكز الأكاديمية، ومؤسسة الشيخ سعود بن صقر القاسمي لبحوث السياسة العامة، ومؤسسات تعليمية أخرى، إضافة إلى تقديم منح دراسية.
وخير مثال على المؤسسات التعليمية هي الجامعة الأميركية في رأس الخيمة التي تأسست في عام 2009 وشهدت نمواً كبيراً في عدد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، حيث تزايد عدد الطلاب من 38 طالباً إلى ما يقارب 1000 طالب ومن 16 عضو هيئة تدريسية إلى 100 عضو هيئة تدريس اليوم. 
وتتميز الجامعة بروابط متعدد مع الجامعات في الولايات المتحدة، ونجحت الجامعة الأميركية في رأس الخيمة هذا العام في الحصول على تصنيف 5 نجوم من مؤسسة «كيو.أس» العالمية المتخصصة في تصنيف الجامعات.
كما شهد هذا العام أيضاً الإطلاق الناجح للقمر الاصطناعي الذي جاء تتويجاً لجهود مجموعة من طلاب الهندسة في أميركية رأس الخيمة، ممن قاموا ببنائه في مختبر الفضاء التابع للجامعة بدعم من وكالة الإمارات للفضاء، في إنجاز نوعي يجسد مدى التقدم الذي حققته الجامعة على مدى العقد الماضي.

ومن الجامعات الأخرى التي تميزت منذ تأسيسها في عام 2006 جامعة رأس الخيمة للطب والعلوم الصحية، والتي بدأت بـ22 طالباً فقط، ليصل عدد طلابها اليوم إلى أكثر من 1200 طالب، وجميعهم يدرسون ليصبحوا أطباء متخصصين. ويبلغ عدد الذين تخرجوا في الجامعة حوالي 600 ممرض وممرضة التحقوا بالقطاع الصحي في الإمارات، أكثر من نصفهم من الإماراتيين، كما ساعد مستشفى رأس الخيمة هذا العام في إجراء حوالي 1000 اختبار لـ«كوفيد 19» يومياً.
ولعبت مؤسسة الشيخ سعود بن صقر القاسمي لبحوث السياسة العامة دوراً حيوياً في تطوير قطاع التعليم في رأس الخيمة والدولة على مدى العقد الماضي، من خلال بحوثها الثاقبة ومساعدتها التعليمية للمجتمع، مما أتاح إدخال العديد من التحسينات النوعية على الصعيدين المحلي والوطني.
ويعد مهرجان رأس الخيمة للفنون الجميلة أكبر مهرجان فني خارجي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد استقطبت نسخته الثامنة التي أقيمت في فبراير 2020، أكثر من 13000 زائر شاهدوا أعمال أكثر من 110 فنانين شاركوا في المهرجان.

عين على التاريخ
وتفخر رأس الخيمة بتاريخ حافل يعود إلى 7000 عام، وهي واحدة من الأماكن القليلة بالعالم التي ظلت مأهولة بالسكان طوال تلك المدة. وفي صميم جهود الإمارة لاكتشاف المزيد عن ماضيها والحفاظ على المواقع والتحف الهامة، يبرز دور دائرة الآثار والمتاحف التي نفذت في الأعوام العشرة الماضية عدداً من المشاريع، وأقامت شبكة من علاقات التعاون مع بعض المؤسسات الدولية، وساهمت في الكشف عن العديد من اللقى الأثرية ذات القيمة التاريخية المهمة.

ووثقت الدائرة نحو 20000 قطعة أثرية منذ 2010، وفي عام 2015، شرعت في أحد مشاريعها البارزة- ترميم الجزيرة الحمراء، واحدة من آخر المدن التي كان يعمل سكانها في الغوص بحثاً عن اللؤلؤ والإبحار في الخليج العربي. وبالتعاون مع وزارة شؤون الرئاسة، تم ترميم أكثر من 100 مبنى وقلعة وبرج مراقبة والعديد من المساجد، وأصبحت المنطقة موطناً لمهرجان رأس الخيمة للفنون الجميلة.
كما تعمل الدائرة منذ عام 2018 مع فريق من متحف القصر الإمبراطوري في بكين، على القيام بعمليات تنقيب في العديد من المواقع التي تساعد على تتبع العلاقات التجارية في العصور الوسطى بين الصين والمنطقة. واكتشف الفريق قطعاً من الخزف الصيني القديم الذي يعود تاريخه إلى عهد أسرة يوان في القرن الرابع عشر، مما يبرز أن جلفار التاريخية، الاسم القديم لإمارة رأس الخيمة، كانت مركزاً تجارياً رئيسياً في المنطقة في ذلك الوقت.

ثورة الرعاية الصحية
على مدى الأعوام العشرة الماضية، تطور دور مؤسسات الرعاية الصحية في رأس الخيمة من تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية للسكان المحليين، إلى توفير السياحة العلاجية والترحيب بالراغبين في زيارة الإمارة للاستفادة من خيارات الرعاية الصحية المتقدمة المتاحة على شواطئها. ويعود جزء كبير من هذا التقدم إلى مستشفى رأس الخيمة الذي افتتح في عام 2007 بخمسة أطباء فقط، ولديه الآن 75 طبيباً مع مجموعة متنوعة من التخصصات في منشأة ضخمة، وقد تطورت القدرة الاستيعابية للمستشفى من حوالي 100 مريض يومياً في أعوامه الأولى إلى ما يتراوح حالياً بين 800 إلى 900 مريض خارجي في العيادات الخارجية، مما يبرز الثقة التي بنتها المنشأة بين أفراد المجتمع المحلي.

الرقمنة 
تشهد رأس الخيمة منذ عام 2010، تحولاً رقمياً متسارعاً تماشياً مع استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة لتحسين الخدمات الحكومية ورقمنتها بالكامل، ويعد التحول من الخدمات الورقية إلى الخدمات الرقمية منذ عقد من الزمن أمراً مذهلاً في رأس الخيمة، حيث تقود هيئة الحكومة الإلكترونية، عملية الرقمنة كوسيلة لمواصلة تحسين وتبسيط الخدمات المقدمة للمتعاملين، واليوم تم تحويل أكثر من 450 خدمة من مختلف دوائر حكومة رأس الخيمة إلى خدمات إلكترونية متاحة عبر شبكة الإنترنت.
وبالإضافة إلى ذلك، يقدم تطبيق mRAK الآن، أكثر من 100 خدمة إلكترونية، تضمن كافة معايير الراحة والأمان العالية للشركات والأفراد. وكذلك أطلقت هيئة حماية البيئة والتنمية في الإمارة، تطبيق «استدامة» البيئي، الذي يقيس البصمة الكربونية للمستخدم، ويظهر تنوع الخيارات الرقمية المتاحة الآن في رأس الخيمة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©