لا تزال المراوغة نهجاً دائماً ومستمراً في سياسة إيران على مستوى الداخل والخارج معاً. ففي الداخل يتبنى النظام إصدار خطابات دعائية للشعب الإيراني. وفي إطار «الانتصارات الإيرانية» المزعومة على أميركا بعد رفض مجلس الأمن مسعى واشنطن لتمديد حظر الأسلحة التقليدية المفروض على إيران في أغسطس الماضي، بدأ الجيش والحرس الثوري الإيرانيان في استعراض للقوة يوم 21 أكتوبر الجاري، ضِمن مناورات عسكرية للدفاع الجوي وأنظمته المحلية، حملت اسم «المدافعون عن سماء الولاية 99»، وامتدت على أكثر من نصف مساحة البلاد، بحسب وسائل الإعلام الإيرانية.
وأعلن بيان لوزارة الخارجية الإيرانية، نشَره الوزير محمد جواد ظريف، أن حظر شراء وبيع الأسلحة التقليدية الذي تفرضه على بلاده الأممُ المتحدة رُفِع «تلقائياً» اعتباراً من الأحد 18 أكتوبر 2020، بموجب قرار مجلس الأمن 2231 والاتّفاق حول برنامج طهران النووي. وكان قد فُرض حظر أممي على توريد الأسلحة إلى إيران عام 2007 بسبب برنامجها النووي. وبموجب هذا القرار، مُنعت طهران من شراء أو بيع أي أسلحة. وفي الاتفاقية النووية لعام 2015 التزمت إيران بتخفيف أعمال البناء وقبول عمليات مراقبة وثيقة لبرنامجها النووي، وبالمقابل يتم إلغاء العقوبات الدولية تدريجياً. ويشمل ذلك نهاية حظر الأسلحة خمس سنوات بعد دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ في الـ18 من أكتوبر 2015.
ويَعتبِر الرئيس الإيراني حسن روحاني الاتِّفاق النووي أحد الإنجازات الكبرى لحكومته، وهو مستعد للحفاظ عليه والاستفادة من ميزاته، حتى في حال فرضت أميركا عقوبات جديدة على إيران. 
وكشفت السنوات التالية لتوقيع الاتفاق النووي الإيراني حقيقة أن الاتفاق النووي يمنح إيران مزيداً من الوقت لاستكمال برامجها العسكرية والنووية. وكان مما ترتب على هذا الاتفاق إضفاء «الشرعية» على برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم، حيث سُمح لها بأعمال البحث والتطوير على مجموعة كاملة من أجهزة الطرد المركزي، كما أن الاتفاق لم يشمل تطوير الصواريخ التي تحمل الأسلحة النووية، فضلاً عن عدم تضمينه بنوداً كافية تتعلق بتفتيش المنشآت غير النووية، حيث تطور إيران برنامجها النووي العسكري والصاروخي، مما يشكل تهديداً ليس فقط لأمن المنطقة واستقرار دولها، وإنما للأمن العالمي برمته. 
والحقيقة أن طهران لم تتوقف عن محاولات تطوير برنامج الصواريخ الباليستية حتى بعد توقيعها الاتفاق النووي، وكانت قد كشفت في سبتمبر الماضي، قبل أقل من شهر على انتهاء حظر الأسلحة المفروض عليها، عن صاروخ باليستي بحري جديد يصل مداه 700 كلم، باسم «ذو الفقار بصير»، ويحتمل أن يصل مداه إلى أكثر من المعلن، وهو المدى الأبعد للصواريخ البحرية الإيرانية، حسب ما أفادت وكالة «تسنيم» للأنباء. كما أشارت الوكالة إلى أن طهران كانت قد استخدمت صاروخ «ذو الفقار» أرض-أرض الذي يتراوح مداه بين 700 و750 كلم، في استهداف مواقع لتنظيم «داعش» عام 2018. و«ذو الفقار بصير» هو جيل جديد من صاروخ «ذو الفقار»، وقد تم استخدامه في يناير الماضي ضد قواعد عسكرية في العراق يتواجد بها جنود أميركيون، رداً على اغتيال قاسم سليماني. 
ويثير البرنامج الصاروخي الإيراني قلقاً مشروعاً لدى الدول الخليجية والدول الغربية، وفي مقدمها الولايات المتحدة التي تتهم طهران بالسعي إلى التطوير الكمي والكيفي للصواريخ بما يشمل زيادة المدى، ودقة الاستهداف، وتحسين أداء قوة الدفع، وكذلك زيادة المقدرة على إنتاج عدد ضخم منها، إضافة إلى إرسالها أنواعاً من الصواريخ التكتيكية وقصيرة المدى لأتباعها في المنطقة، مثل «حزب الله» اللبناني والحوثيون في اليمن وغيرهم، الأمر الذي من شأنه زعزعة الاستقرار الإقليمي الهش على أيدي هذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية. 
وفي المقابل، تقول طهران إن برامجها ذات أهداف دفاعية، وتجادل بأن برنامجها الصاروخي مطابق للقوانين الدولية، كما زعم مندوبها في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 22 أكتوبر الجاري. 
وصرّح أمير حاتمي، وزير الدفاع الإيراني، في مقابلة متلفزة بعد انقضاء حظر الأمم المتحدة للأسلحة قائلاً: «سنعمل حتماً على التصدير أكثر من الاستيراد. وأسلحتنا رخيصة السعر وفعالة». فهل من مشترين فعليين للأسلحة الإيرانية؟ 

*كاتبة إماراتية