عدد اليوم
حوار: لمياء الهرمودي
أكدت ريم بن كرم مدير مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة في الشارقة أن دولة الإمارات العربية المتحدة قدمت نموذجاً فريداً في تحقيق التوازن بين الجنسين، إيماناً من القيادة الرشيدة بدور المرأة وعطائها المجتمعي ورسالتها في خدمة الوطن.
وأشارت في حوار مع « الاتحاد» إلى أن تمكين المرأة قضية تنموية وليست قضية نوع اجتماعي، ونحن في مجتمع قائم على مفهوم الشراكة واحترام الأدوار وتقدير العطاء، تحظى فيه المرأة بمكانة عالية لها جذورها في الموروث الثقافي الإماراتي والعربي، وهذا المفهوم تجسد منذ قيام الاتحاد في دور حيوي ومؤثر للمرأة الإماراتية في مختلف القطاعات، وجعل باب الشراكة مفتوحاً للجميع دون تمييز، وهذا لا يقلل من دور المؤسسات الداعمة للمرأة، بل يجعله أكثر أهمية من أي وقت مضى لأنها تعمل على تهيئة الثروة البشرية لتكون محركاً وداعماً لاقتصاد المستقبل الذي يعتمد على الأفكار أكثر من اعتماده على الموارد المادية».
وأضافت بن كرم: الأحداث العالمية وتطوراتها تثبت أهمية مسيرة الارتقاء بقدرات المرأة وتحصين المجتمعات بالمزيد من المواهب والكفاءات، وفي مقدمة هذه الأحداث تأتي جائحة فيروس كورونا المستجد وما نتج عنها من ضرر على بنية الاقتصاد العالمي وما تسببت به أيضاً من مشاعر عامة تتمثل بالخوف وتراجع الثقة وعدم اليقين، هذه الظروف تحتاج إلى وعي والتزام من كافة الفئات الاجتماعية، وتحتاج إلى أفراد من الجنسين يدركون أهمية التطوع لخدمة مجتمعاتهم في أوقات الضيق، وتحتاج أيضاً إلى وعي اقتصادي ريادي يقود الحركة الاقتصادية باتجاه التعافي والنمو واسترداد المكتسبات، وهذا ما تعمل من أجل تحقيقه كافة المؤسسات التنموية، وفي مقدمتها تلك التي تعمل من أجل تمكين النساء من الشراكة الفاعلة في العمل الاجتماعي والاقتصادي».
وتابعت بن كرم: «لهذا تنظر (نماء) إلى قضية الارتقاء بقدرات ومهارات المرأة كونها قضية تنموية وليست قضية نوع اجتماعي، وضرورة لبناء الاقتصاد الحديث وتحقيق التطلعات المشتركة للمجتمعات، ووفقاً لهذا المبدأ تعمل مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة على توفير مقومات الارتقاء الشامل بقدرات ومهارات المرأة من خلال مؤسساتها التابعة متنوعة الاختصاصات والمهام لتشكل إضافة نوعية إلى منظومة العمل وتترك بصماتها على خارطة المنجزات والابتكارات والإبداعات».
ثلاث مؤسسات
وقالت بن كرم: تعمل تحت مظلة «نماء» ثلاث مؤسسات، وهي مجلس إرثي للحرف المعاصرة، أكاديمية بادري للمعرفة وبناء القدرات، ومجلس سيدات أعمال الشارقة، وأوضحت بن كرم أن هناك تكامل في الأدوار بين هذه المؤسسات بحيث تغطي مساحة واسعة من خريطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأكدت بن كرم أن مجلس إرثي للحرف المعاصرة يحقق عدة أبعاد في وقت واحد، حيث يعزز مفهوم العمل اليدوي لدى المرأة الإماراتية ويدخلها سوق الإنتاج، ويرسخ علاقتها بموروثها الثقافي وبتقاليد المجتمع الإماراتي ويعمق ارتباط مسيرتها بجذور الهوية الإماراتية وثقافتها وقيمها، وخلال السنوات الماضية حقق المجلس إنجازات هامة على الصعيدين المحلي والعالمي، إذ تشارك الحرفيات بمنتجاتهن في المعارض الدولية بشكل دائم، حيث كان آخرها معرض في لندن وآخر في باريس حيث أطلق المجلس منتجات جديدة بالتعاون مع فنانين ومصممين عالميين.
المعرفة والخبرة
أما عن دور أكاديمية بادري للمعرفة وبناء القدرات، قالت ريم بن كرم: «تؤمن مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، بأن الابداع في الدور الاقتصادي والاجتماعي للمرأة يجب أن يكون مبني على قاعدة من المعرفة والخبرة والدراية بمتطلبات الأعمال والأسواق، لأن الشراكة التي نسعى إليها ليست شراكة في العمل فحسب بل في وضع الخطط والتصورات وتقديم الأفكار التي من شأنها تطوير واقعنا الاقتصادي والاجتماعي».
وتابعت بن كرم: «تقدم أكاديمية بادري للمعرفة وبناء القدرات، برنامج ريادة الأعمال السنوي والذي يهدف إلى تنمية المهارات الفكرية والريادية لدى النساء في الإمارات ويوفر لهن مصادر التثقيف الذاتي بجميع المجالات التي تخص ريادة الأعمال وكيفية إدارة وتطوير المشاريع الناشئة».
الريادة الاجتماعية
وأضافت بن كرم: «لأن نماء تؤمن بالعلاقة الوثيقة بين المعرفة والريادة الاجتماعية والاقتصادية، تم إطلاق أكاديمية بادري الإلكترونية وهي منصة تعليمية مجانية قائمة على نموذج الدورات المفتوحة الضخمة (MOOCs)، وتستهدف الذين يسعون لتطوير مهاراتهم من الجنسين على المستوى المهني والشخصي في جميع أنحاء العالم»، كما عملت المؤسسة خلال الأشهر التي شهدت بدايات جائحة فايروس كوفيد -19 المستجد على تنظيم وتنفيذ عدد من الدورات والبرامج بشكل يتماشى مع الوضع المستجد من ناحية، ويضمن استمرار دور المؤسسة في القيام بواجبها تجاه المجتمع من ناحية أخرى».
سيدات الأعمال
حول مجلس سيدات أعمال الشارقة قالت ريم بن كرم «إن طبيعة الأعمال متغيرة باستمرار والوصول إلى الأسواق الجديدة وإنجاح المشاريع الناشئة يتم باكتساب الخبرة والجهوزية، وهذا هو دور المجلس الذي يوفر لعضواته خدمات الاستشارة التجارية المباشرة بما يساعدهن في توسيع شبكة تواصل شراكاتهن، وحصولهن على التدريب النوعي والدعم الفني في العديد من جوانب الأعمال، كما يعمل على تنظيم ورش العمل والبعثات التجارية وإتاحة الفرصة لسيدات الأعمال للمشاركة في المعارض والمؤتمرات المحلية والخارجية، فضلاً عن إبرام شراكات مع الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة في الإمارات وخارجها، بهدف تسهيل وصول المرأة إلى القطاعات الاقتصادية المحلية والعالمية».
كما يسعى المجلس لاستكشاف فرص واعدة تسهم في بناء شراكات جديدة مع سيدات الأعمال في مختلف دول العالم، ويسعى أيضاً إلى بناء بيئة محفزة لسيدات ورائدات الأعمال من خلال تفعيل الشراكات الاستراتيجية مع صناع القرار ورواد القطاعات الاقتصادية بما يمكنه من تقديم جيل من السيدات مؤهل لدخول سوق العمل، جيل واثق من نفسه، متسلح بمعارف ومهارات حقيقية».
الاستقرار الاجتماعي
تحدثت بن كرم عن برنامج «سفيرات من أجل السلام» بالشراكة مع الشبكة العالمية للنساء صانعات السلام وذلك بهدف تمكين الشابات والفتيات في المناطق التي تتأثر بالنزاعات مثل بنجلادش وإندونيسيا، بحيث يجسدن نماذج إيجابية في تعزيز قيم السلام والتعايش والابتعاد عن التطرف.
وقالت بن كرم: «نركز في عملنا مع الفتيات في المجتمعات قليلة الدخل على توفير كافة مقومات التنمية والازدهار وتعزيز قيم الشراكة والتعاون بين الجنسين من مختلف الفئات الاجتماعية لأن هذه القيمة كفيلة في تغيير العقول ومناهج التفكير وترسيخ المبادئ الإنسانية البعيدة عن التطرف والصراعات».
برامج دولية
حول شراكات مؤسسة نماء على المستوى المحلي وبرامج الارتقاء بالمرأة ودعم شراكتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى العالمي، بينت ريم بن كرم أن المؤسسة عقدت عدة شراكات مع جهات تتقاطع مساعيها مع مساعي نماء، حيث وقعت في العام 2018 مذكرة تفاهم مع «مبادرة بيرل»، تهدف إلى توسيع بحوثها ودراساتها لتشمل جميع القطاعات التي تشارك فيها المرأة في منطقة الخليج، وتوفير بيانات علمية عن الفرص والتحديات التي ترافق مسيرة الارتقاء بدور المرأة.
وعلى المستوى العالمي، ذكرت بن كرم الشراكة بين «نماء» وهيئة الأمم المتحدة للمرأة والتي تجلت، بتنظيم القمة العالمية للتمكين الاقتصادي للمرأة على مدى دورتين حيث تم إطلاق منصة ارتقاء التي تهدف إلى دعم مساعي تمكين المرأة عبر جمع الشركاء والمؤسسات ذات المصلحة تحت مظلة واحدة، إلى جانب التعاون بين الطرفين لتنفيذ برنامج المبادرات الرئيسة «تحفيز تكافؤ الفرص لرائدات الأعمال» في كل من جنوب أفريقيا ودولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة، حيث يعمل البرنامج الذي تستمر مدته 3 سنوات على دعم وتمكين حوالي 25 ألف امرأة، وخصوصًا السيدات اللواتي يقطنّ في البيئات الفقيرة.
