«الحوار الأمني رباعي الأطراف»، المسمى أيضاً «الكواد» أو «الرباعي»، عبارة عن تجمع استراتيجي غير رسمي يضم كلا من الهند والولايات المتحدة واليابان وأستراليا، وهو موجود منذ بضع سنوات. فقد أنشئ خلال كارثة تسونامي 2004 وكان ينظر إليه باعتباره تجمعاً أمنياً، ولكنه لم يستطع الإقلاع أبدا بسبب قلق بعض البلدان وخشيتها من أن تصبح جزءاً من مجموعة ينظر إليها على أنها معادية لصعود الصين. فإبان تأسيس التجمع، شعرت الصين بأن الأمر يتعلق بتجمع هدفه وقف وجودها العالمي المتزايد. ولهذا ذهبت بكين إلى حد إرسال احتجاج إلى كل البلدان الأعضاء ضد التجمع، ما أدى إلى تقليل أعضاء «الرباعي» لنشاطهم.
ولكن الآن وبعد تردده الأولي، يبدو أن التجمع أخذ يستأنف نشاطه في وقت يجتاز فيه العالم ظروفاً تتميز بعدم اليقين وسط وباء فيروس كورونا. ذلك أن الوباء إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية العصيبة جعلت الفترة الحالية صعبة ومليئة بالتحديات بشكل فريد. وقد أظهر الاجتماع الثاني لـ«الرباعي»، الذي عقد خلال الأسبوع الأول من هذا الشهر، أن البلدان تشعر بالحاجة إلى مثل هذا التجمع. ورغم أن أجندة هذا التجمع لم تتضح بشكل كامل حتى الآن، إلا أن عدم اليقين بشأن وجهته يبدو أنه أخذ ينمحي. وكان مسؤولون كبار من كل البلدان الخمسة قد التقوا في الجمعية العامة للأمم المتحدة بهدف الاتفاق على أجندة وصياغتها، وخلال الأسبوع الأول من هذا الشهر، التقى وزراء خارجية الهند وأستراليا والولايات المتحدة في اليابان. لقاء علّقت عليه أهمية كبيرة عكستها حقيقة أن الوزراء اضطروا للسفر إلى اليابان رغم قيود الحجر الصحي. فوزيرة الخارجية الأسترالية «ماريز باين»، مثلا، اضطرت للخضوع لحجر صحي إجباري لـ 14 يوماً لدى عودتها إلى أستراليا. 
ومن الواضح أن البلدان الأربعة تطمح إلى أجندة متعددة الجوانب تركز على الحفاظ على استقرار منطقة المحيط الهادئ الهندي، حيث تُمنح كل البلدان فرصاً متكافئة مع إيمان باحترام الوحدة الترابية للدول والحل السلمي للنزاعات. في اجتماع «الرباعي» هذا، نوقشت عدة قضايا مثل تصنيع لقاح كوفيد-19 وتوزيعه، والاتصال، وتطوير تكنولوجيا «جي 5»، والتعاون البحري، ومحاربة الإرهاب. وهذا يُظهر محاولة لتوسيع أجندة التجمع رغم الخلافات الأساسية حول بعض المواضيع مثل الدفاع.
ولئن حافظت الهند وبلدان أخرى على نبرة محايدة وشددت على أهمية التعاون والتنسيق متعدد الأطراف خلال الاجتماع، فإن الولايات المتحدة أشارت بشكل مباشر إلى رؤية خاصة بها، حيث صرح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بأن التجمع ليس «تعددية الأطراف من أجل تعددية الأطراف»، داعياً كل البلدان الأعضاء إلى «التعاون من أجل حماية» المنطقة من الاستغلال. وقد أظهر تصريحه بوضوح أن الولايات المتحدة ترغب في مأسسة «الرباعي» بدلاً من الإبقاء عليه في شكله الحالي كتجمع غير رسمي. 
غير أن أياً من البلدان الأخرى لم يتحدث بالطريقة نفسها. وقد آثرت الهند بشكل خاص الحفاظ على الاستقلالية الاستراتيجية ولم ترغب في أن تنجر إلى أي تجمع ممأسس لاحتواء أي بلد. فوزير الخارجية الهندي وإذ أكد على أن الهند تظل «ملتزمة بدعم النظام الدولي القائم على القوانين»، دعم تعزيز المصالح الأمنية والاقتصادية لكل البلدان التي لديها مصالح مشروعة وحيوية في منطقة محيط هادي هندي حرة ومفتوحة ومستوعبة للجميع. 
رد الفعل الصيني على تصريح بومبيو كان منتقداً ووصفه بأنه جزء من جهد أوسع من قبل واشنطن هدفه إنشاء «حلف ناتو خاص بالمحيط الهادئ الهندي». وفي معرض تعليقه على التصريح، قال وزير الخارجية الصيني الذي كان يزور ماليزيا إن «ما تسعى إليه هو إحياء عقلية الحرب الباردة وتأجيج المواجهة بين مجموعات وكتل مختلفة وإذكاء التنافس الجيوسياسي». رد الفعل الصيني ربما كان يعزى أيضاً إلى تقارير مفادها أن الهند وجهت دعوة إلى أستراليا من أجل الانضمام إلى «مناورات مالابار البحرية» السنوية المشتركة الشهر المقبل. فحتى الآن، الولايات المتحدة واليابان والهند فقط هي التي كانت تشارك هذه المناورات البحرية عالية المستوى. ولكن هذه السنة، ستجرى المناورات في خليج البنغال وستنضم إليها البحرية الأسترالية لأول مرة. 
وما زالت هناك بعض الخلافات داخل التجمع حول قضايا محورية، خلافات تستلزم المعالجة أولاً. ولهذا لم تصدر البلدان الأربعة أي بيان مشترك في ختام اجتماعها مثلما كان متوقعاً. وبالمقابل، أفرج كل أعضاء التجمع الأربعة عن أجنداتهم الخاصة. فالهند أبقت على مسافة أمان ودعت إلى الوحدة الترابية للدول. ورغم أن العلاقات بين الولايات المتحدة والهند توطدت بفضل تعاون قوي في عدد من المجالات ولاسيما في الدفاع، إضافة إلى صيغة محادثات 2 + 2 بين الهند والولايات المتحدة والهند واليابان. غير أنه حتى الآن تظل هذه مجرد استراتيجيات. 
ولا شك أن «الرباعي» تجمعٌ مهم ينبغي متابعته. وإذا أقلع، سيصبح التجمع الذي سيبحث أمن منطقة المحيط الهادئ الهندي. ورغم أن نيودلهي تسعى إلى تعزيز قدراتها العسكرية، إلا أنها حافظت على استقلاليتها الاستراتيجية حتى الآن لأنها حريصة على ألا تنجر إلى أي تحالف رسمي. ومن الواضح أن كل أعضاء «الرباعي» لا ترغب، في الوقت الراهن، في أن ينظر إليها على أنها تجمع عسكري، وأن الأمر سيستغرق وقتاً حتى يتخذ هذا التجمع طابعاً رسمياً.
* رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي