من الشائع أن ابن رشد فيلسوف العقل والتنوير، وقد كُتبت عشرات الدراسات حول عقلانيته. فهو فيلسوف يعطي الأولوية للدليل العقلي على الدليل النقلي، ويُعرّف الحكمة بأنها «النظر في الأشياء بحسب ما تقتضيه طبيعة البرهان». وهو الذي يُفرّق بين أقاويل ثلاثة: الخطابي والجدلي والبرهاني، ولا يقبل الفيلسوف إلا البرهان، ويترك للمتكلم الجدل، وللصوفي الخطابة. النظر واجب بالشرع، وهو الاعتبار، وقد دعا الشرعُ إلى اعتبار الموجودات بالعقل، وهو القياس. ومعرفة الله بالبرهان. ويدافع بن رشد عن علم الله بالكليات ضد اتهام الغزالي الفلاسفة بإنكار علم الله بالجزئيات، بأن علم الله بالكليات يتضمن بالضرورة العلم بالجزئيات نظراً لقاعدة الاستغراق في المنطق. ويرفض الحشوية الذين قالوا إن معرفة وجود الله تتم بالسمع لا بالعقل. وينقد ما يعتبره سوء استعمال العقل من جانب الأشعرية، أي العقل الذي لا يعتمد على ذاته بل على النصوص الدينية الموجهة أو الانفعالات الإيمانية الضمنية. ويرى أن بداهة العقل ونوره الفطري هما أقرب إلى الفطرة التي يخاطبها دليل الشرع. 
لكن نجد أن ابن رشد هو في الوقت نفسه نصي أيضاً، ففي كتاب «الشرح الكبير»، مثل «تفسير ما بعد الطبيعة»، يبدأ ابن رشد بنصوص أرسطو نصاً نصاً، واضعاً النص موضع الشرح في مكان مستقل له قدسيته.
يُكثر ابن رشد من الأدلة النقلية، خاصة في كتابه «فصل المقال»، وهو الكتاب الشهير في ضرورة الفلسفة، وفي «مناهج الأدلة» الكتاب الشهير في علم الكلام ضد الأشعرية. الأول به عشرات الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والثاني به المئات منها، وهما عمدة التأليف عند ابن رشد. وإذا ما تعارض النص مع التجربة، فالأولوية عند ابن رشد للنص في نهاية المطاف. 
وفي «فصل المقال» نجد أن الفلسفة واجبة بالشرع، أي أن إعمال العقل واجب بالنص وليس بمقتضى طبيعة العقل نفسه أو بموجبات البرهان. والقياس العقلي هو القياس الشرعي، والفكر الفلسفي هو الفكر الشرعي. وكما يعتمد القياس المنطقي على مقدمة كبرى، فإن الأصل في القياس الشرعي نص، والعلة منصوص عليها، والحكم منصوص عليه، ولا يوجد إلا الفرع الذي يمثل النازلة الجديدة، وهي جزئية مندرجة تحت كلياتها التي أحصاها الشرع في المقاصد العامة للشريعة كما قال الشاطبي. فلا توجد نازلة فرعية إلا ولها أصل كلي في الشرع وإلا استحال القياس. نموذج القياس هو القياس الفقهي الذي كان في الصدر الأول. بل إن الحشوية التي تنكر القياس محجوجة بالنصوص وليس بالعقول. والأدلة العقلية منصوص عليها في آيات قرآنية قبل أن يتم الدفاع عنها بحجج عقلية. والدليلان الجديدان لابن رشد على وجود الله، دليل العناية ودليل الاختراع، دليلان شرعيان نصيان موجودان في الكتاب العزيز، آيات لدليل العناية وآيات أخرى لدليل الاختراع، وآيات ثالثة للدليلين معاً. ودليل الوحدانية مستمد من آيات ثلاث من الكتاب العزيز. ويُعرف التنزيه بالنص من آيات الكتاب العزيز. وإثبات الجهة بالشرع والعقل عند ابن رشد، وهو أقرب إلى إثبات الشرع لأن العقل ينفي الجهة ويقوم بالتأويل. 

*أستاذ الفلسفة -جامعة القاهرة