في ديسمبر 2019 أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، أن عام 2020 سيحمل شعار «عام الاستعداد للخمسين»، ليشهد انطلاق أكبر استراتيجية عمل وطنية من نوعها للاستعداد لمرحلة تنموية رائدة للسنوات الخمسين المقبلة في القطاعات الحيوية كافة.
ويتضمَّن عام الاستعداد للخمسين التجهيز للاحتفال باليوبيل الذهبي لدولة الإمارات في عام 2021، وهي جميعاً استعدادات تتيح لفئات المجتمع كلها المشاركة في صياغة مفاهيم وأساليب الحياة في دولة الإمارات للخمسين عاماً المقبلة. وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، أهمية تكاتف الجهود الوطنية بهذا الشأن قائلًا: «في عام الخمسين سنكون يداً واحدةً لبناء إماراتنا.. عام الاستعداد للخمسين يقتضي تضافر كل الجهود المجتمعية لدفع عجلة التنمية واستدامتها، وتحقيق طموحاتنا وتطلعاتنا إلى مستقبل أفضل لإماراتنا».
ويرسخ هذا النهج ثقافة المشاركة في صنع القرار، وتعزيز روح المبادرة إلى بناء الوطن عبر الانخراط الفاعل في جهود التطوير المقبل، التي تشمل العمل على تحقيق قفزات نوعية في الاقتصاد الوطني، وترسيخ القوة الناعمة لدولة الإمارات، وهو ما يتطلَّب الارتكاز على قاعدة صلبة، أساسها التنمية البشرية والاستدامة في شتَّى المجالات التي ستدعم استكمال الأجيال مسيرة الاتحاد برؤية إبداعية ومتفرّدة، تترجم الإنجاز والريادة الإماراتيَّين إلى واقع مثالي تعيشه الدولة في عامها الخمسين.
وفي سياق الأجندة الخاصة بعام الاستعداد للخمسين، وجَّهت حكومة الإمارات بتشكيل لجنتين، إحداهما لوضع الخطة التنموية الشاملة للخمسين عامًا المقبلة، والأخرى للإشراف على فعاليات الاحتفال باليوبيل الذهبي، بحيث تكون هذه الاحتفالات استثنائية، وتؤرّخ لهذه المرحلة التاريخية من عمر دولة الإمارات. وتنفيذاً لتوجيهات القيادة الرشيدة بتطوير خطة الاستعداد للخمسين أطلقت حكومة دولة الإمارات سلسلة اجتماعات تشاورية وتنسيقية، بمشاركة الوزراء والمسؤولين والأمناء العامين للمجالس التنفيذية في الإمارات، وممثلين للجهات الحكومية الاتحادية والمحلية، تم خلالها تحديد الرؤى والتوجُّهات المستقبلية في ستة محاور رئيسية تشمل الحكومة والمجتمع والاقتصاد والتعليم والبنية التحتية والاستدامة البيئية والأمن والعدل والسلامة، ضمن خطة الاستعداد للخمسين عاماً المقبلة.
ومما لا شك فيه أن إطلاق هذه الخطة يعكس بشكل جليّ حرص القيادة الرشيدة على رسم مستقبل أفضل للأجيال القادمة من أبناء الوطن، وتحديد أهم أولويات العمل الوطني في الخمسين عاماً المقبلة، لتكون دولة الإمارات الأفضل في العالم بحلول عام 2071، من خلال تهيئة كل القطاعات لمرحلة ما بعد النفط، وبناء اقتصاد معرفي حقيقي أساسُه الابتكار والإبداع والعلوم والتكنولوجيا الحديثة، والاستثمار في العقول والكفاءات النوعية، وتعزيز منظومة القيم الحضارية القائمة على التسامح والانفتاح والتعايش، والحفاظ على التراث الوطني والعادات والتقاليد الأصيلة، إضافةً إلى منافسة دول العالم المتقدمة في السَّبق والريادة، وتشييد الأسس القوية لاستدامة التنمية للأجيال المقبلة. 
لقد أكدت الإنجازات الإماراتية خلال عام 2020، ولاسيَّما إطلاق «مسبار الأمل» لاستكشاف كوكب المريخ، وتشغيل المفاعل الأول في محطات براكة للطاقة النووية السلمية، أن «عام الاستعداد للخمسين» هو عام استثنائي في مسيرة التنمية واستشراف المستقبل، التي تشهدها الدولة في المجالات كافة. ويمثل هذا العام محطة نوعية في مسيرة دولة الإمارات تؤسّس من خلالها لمرحلة جديدة في سجلّ نهضتها الاقتصادية والمجتمعية والتنموية المتسارعة، لتكون الأفضل عالميًّا بحلول الذكرى المئوية لقيامها، فالدولة التي تستضيف على أرضها أكثر من 200 جنسية من مختلف الأديان والطوائف والثقافات والعادات ستكمل مسيرتها نحو الخمسين عاماً المقبلة بمزيد من التسامح، والانفتاح على أمم العالم وشعوبه، وبالمزيد من الدعم والمساندة للقضايا الإنسانية.
إن التجربة المتفرّدة والملهِمة لدولة الإمارات تجاوزت حدودها الجغرافية إلى العالمية، وشكلت مصدرَ أمل وحافزاً للشعوب والحكومات على الساحة الدولية، وها هي اليوم تتطلَّع إلى نهضة ملحميَّة شاملة في العقود الخمسة المقبلة، تمكنها من تحقيق المزيد من القفزات النوعية على جميع الصُّعد، تكون نتائجها خيراً وفيراً لترتقي دولة الإمارات إلى قمم الإنجازات، وتأخذ مكانها اللائق بين الدول المتقدمة.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.